مواطن يسأل ومسؤول يتغير

فلكلور 2021/05/30
...

قيس قاسم العجرش
 
ربما تصحُّ الى حدٍ بعيد النصيحة التي تقول: «إنَّ القارئ الجيد يصنع كاتباً جيداً»، باعتبار الرُّقي في المطلب سيدفع الكاتب الى الارتقاء في المبحث.
لو صحّ هذا الرأي، أقول إنه يصح أيضاً قياسه على المسؤول والمواطن. بالتأكيد أعني بلداً يتغير فيه المسؤول ولا يُقلع قلعاً حتى نرى خلفاً له.
إنها «نصيحة» أكثر من وصفها قولاً مأثوراً. إنها علاقة بين الإنتاج والطلب. بين الاستهلاك والمعروض. كم مرّة سمعنا صاحب دكّان يشير الى سلعةٍ غير متوافرة بأنها «ما تمشي!» في هذه الأرجاء، أي لا طلب عليها.
المسؤول الذي يتحدث بالأرقام فيحاسِب ويُحاسَب (مرّة بكسر السين ومرّة بفتحها)، يبدو أنَّ لا طلب عليه. لا أحد يريده، وعلام وجع الراس هذا؟.
المسؤول الذي يحمل الحقائق، ويتحدث بالحقائق والقرائن والأدلة، والتي قد يتحمل المواطن فيها بعض الملامة، هذا لا أحد يرغب في إفساح المجال له. أو أنهم ندرة فقط أولئك المقبلون على منح آذانهم لمثل هؤلاء، فماذا كانت النتيجة؟.
خلت الساحة للمسؤول الكذوب المنسلخ من جلد أفعى، الذي يعرف كيف يلعب على عشرة حبال في آنٍ واحد. فإذا أساء قال إنهم قد عرقلوه. وإذا أفسد قال إنهم أجبروه، وإذا تسبب بمصيبة وتعرض للحساب، قال إنهم يستهدفون أبناء جلدته وفصيلته. وسيكون كل عذر هو حشو كلامٍ يسهل رصّه، ويرخصُ قوله. طالما أنَّ هناك من يصدّقه بلا حساب.
لو فهم ابتداءً بأنه سيُسأل، وأنه سيكون عُرضة للحساب، وأنَّه لن يصدّقه أحد ما لم يتحدث بالأرقام بدلاً من الأوهام، لكان قد لجم ذاته وضبط سلوكه كي يوافق الشروط والمطالب. لو أنه عرف عن يقين بأنَّ هناك من لن يقبل الإساءة لما أساء أبداً. وسيتغير حتماً.