حسن عودة الماجدي
من المؤكد بما لايقبل الشك أنّ الاسلام قد أعطى لمفهوم العشيرة بعداً ايجابياً في عصرالدعوة الاسلامية، حيث أعلن رفضه لجميع المفاهيم السائدة آنذاك والذي وقع فيها الأنسان منذ القدم وأولها الاغترار بنفسه وتفضيلها على الآخرين، بسبب استخدام عقدة «الأنا» التي أسّرته وشلّت قدرات الخير عنده، لكنّ المفارقة في هذا وبالرغم من مرور أكثر من الف واربعمئة عام ونيف عادت خصلة التّكبر والنّهج البدوي بين العشائر العراقية، بل أصبحت في الوقت الرّاهن تزداد نموّاً وتمادي على الآخرين، كلّما سار الانسان قدماً في مضمار الابتعاد عن مخافة الله تعالى، ففي سؤال للامام جعفر الصادق عليه السلام، قيل يا ابن رسول الله «أيكون من العصبية حب الرّجل لأهله وعشيرته وقومه» قال لا العصبية إن تجعل من شرار قومك خيراً من خيار غيرهم، اذن هنا هو المفهوم الاسلامي السمح الذي يبين لنا حب الانتماء لاسلامنا وعراقيتنا وانسانيتنا وليس للرمي العشوائي، سواءً في الدّكة أو الأعراس والمآتم أوعند فوز فريق لكرة القدم أوماشابه ذلك، حقيقة أنّ ما نراه اليوم هو التخلف والتسفيه وسذاجة الرامي على من يرمي، لذا نرى أن من المفيد بتشديد العقوبة على مطلقي العيارات النارية وجعلها تحت طائلة الجنايات سواءً تترتب عليها اصبات أو لم تترتب، ويسري ذلك على الرأس المتوّج وحتى أبسط الناس، سيما نحن نعيش عصر السّرعة والغزو المعلوماتي، وفي ما يتعلق بعنوان المقالة للداك والمدكوك ومن خلال عملنا الميداني الأصلاحي بين المتخاصمين، نجد ان المسبب الحصري للدكة هو المدكوك الذي ركب رأسه وشمخ بأنفه وتقوقع بالّامبالاة اتجاه الدّاك، كما أنّ الدّاك الطّالب بحقه قد يأس عمل الوساطات العشائرية والدّينية، وكذلك اجراءات المحاكم المملّة في ظل الرشى والمحسوبية والمنسوبية وتقريب الموالين في هرم الدولة أو مع الاحزاب والقوى الاخرى، وبعد أن أغلقت الابواب بوجه صاحب الحق، أضطر مرغماً نفسه للقيام بالدّكة السيئة في قاموس الشريعة على منزل المدكوك، كي ينذره من عاقبة الاصرار على الباطل، لكن الطّامة هنا أنه قد وقع في شبك قانون الدولة الرقم «13لسنة 2005» بفقرتيه «4 /1 و4/2 ارهاب» ممّا جعل من المدكوك يشمت ويتشفى كون الخصم قد وقع
بالقاضية.
وفي هذا لا بد من البديل الذي يضع النقاط على الحروف والنظر في القضية بحذق قانوني مستفيض الجوانب والّا كيف يتساوى الداك، أي مطلق العيارات النارية عن بعد وبين الذي أراد ابتلاع العراق أرضاً ومقدسات، الجدير بالذكر أن قانون الارهاب المشار اليه قد صدر في ظرف استثنائي وعلى عجلة من أمر الخطر الدّاعشي التكفيري، لذلك نرى من غير المنصف تطبيقه على المحذر بكسر الذال وبين المكفر، هذا وحتى لا يفوت المتلقي الكريم أن الدّكة العشائرية، لم تكن وليدة العهد وانّما انتقاها الشارع العراقي المخضرم، بدليل أنّه شاطرها بالايحاء الايجابي من منطلقها التحذيري للآخر كي لاتفلت عتلات التوازن بين الطّالب
والمطلوب.