سلام مكي
بالرغم من أن الدستور العراقي، أعدّ في المادة 14 أن العراقيين متساوون أمام القانون. ولعل من أصدق تجليات المساواة أمام القانون، هو التقاضي العادل والمتساوي لجميع العراقيين، بغض النظر عن مسمياتهم ومناصبهم. لكن الدستور، عاد واستثنى من المساواة كل من عضو مجلس النواب، وعضو مجلس الوزراء، حيث وضع ضوابط لمحاسبتهم، بسبب مناصبهم التي تتطلب تعاملا خاصا، عبر وضع آليات قانونية خاصة لمحاسبتهم أو لمثولهم أمام القضاء. ووضع تلك الآليات مقترن بالبقاء في المنصب الحكومي، حيث تزال تلك القيود أو الآليات القانونية حال انتفاء الصفة الوظيفية عن المشمول بها. عضو مجلس النواب مثلا، يملك حصانة تمنع من محاسبته إلا بعد أخذ موافقة مجلس النواب، حيث أشار الدستور إلى 63 من الدستور إلى تمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء أثناء انعقاد الدورة ولا يجوز إلقاء القبض عليه إلا إذا كان متهما بجناية بموافقة أعضاء بأغلبية مطلقة، أو إذا ضبط متلبسا بالجرم المشهود في جناية. أما عضو مجلس الوزراء أي الوزير، فلا تجوز محاسبته إلا من قبل المحكمة الاتحادية العليا، ذلك المادة 93 سادسا نصت على أن من اختصاصات المحكمة الاتحادية الفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وينظم ذلك قانون. فلا يجوز لأي هيأة قضائية أو محكمة تابعة لمجلس القضاء الأعلى أن تحاكم أو تحاسب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء، لان محاسبتهم من اختصاص المحكمة الاتحادية حصرا. واللافت للنظر أن الدستور حين نص على أن عمل المحكمة ينظم بقانون، عاد وأكد أن محاسبة أعضاء السلطة التنفيذية، يجب أن تكون بقانون خاص، وهو ما يعني أن المحكمة الاتحادية تملك اختصاصا جزائيا، تنظر في الاتهامات الجزائية التي توجه إلى أعضاء السلطة التنفيذية، وذلك الاختصاص ينظم وفق قانون خاص، يختلف عن قانون المحكمة. وهذا النص، مثله مثل بقية نصوص المادة 93 من الدستور، لم تفعّل حتى الآن، ولم يتم تشريع قانون يتناسب مع الدستور، بل تم الاكتفاء بالقانون رقم 30 لسنة 2005، وحتى عندما لاحت مؤخرا فرصة تعديله، اصطدم التعديل بالخلافات السياسية والاجتماعية الكبيرة التي تعرقل تشريع القانون، خصوصا ما يتعلق بالفقهاء. وبالتالي تم الاكتفاء بتعديل القانون 30 عبر سد النقص الحاصل فيه والتي تخص آلية تعيين أعضاء المحكمة الاتحادية. أما باقي الفقرات ومنها الاختصاص الجزائي للمحكمة، فلم تعدل وبقيت على حالها. وهذا يعني أن محاسبة أعضاء السلطة التنفيذية غير ممكن حاليا في ظل عدم وجود نص قانوني ينظم تلك المحاسبة. إن وجود نص قانوني ينظم عملية محاسبة الوزراء أمر مهم ولا بد منه، خصوصا وأن هنالك العديد من الوزراء المتهمين بقضايا فساد، كذلك تحقيقا لمبدأ المساواة الذي نص عليه الدستور.