التزوير.. ذكرى.. وتذكير

الرياضة 2021/06/02
...

خالد جاسم
*برغم نجاح العديد من تجارب بناء منتخباتنا العمرية في فئات الأشبال والناشئين والشباب من خلال البطولات العربية والقارية التي حققتها هذه المنتخبات وبلوغها بطولات كأس العالم، كما حدث لمنتخبي الشباب والناشئين، إلا أن الشبهات وخصوصا في موضوعة التلاعب في الأعمار أو ما يطلق عليه بالتزوير، ظلت وصمة معيبة عالقة في سجلات العديد من منتخباتنا، وهي حالة مزمنة ولها جذورها وليست زرع اليوم أو وليدة العهد الحديث، برغم استفحال خطرها كثيرا عن السابق، والأمثلة والنماذج هنا متعددة ولا داعي لتجديد ذكرياتها السيئة، لكن تبقى العبرة والفائدة في استخلاص الدروس والتجارب من الأمس لضمان عدم تكرار ذلك، ومن أجل العمل وفق طريقة البناء الكروي الصحيح، إذا كنا نطمح فعلا لكسب المستقبل، مع أننا في الوقت ذاته لم نستثمر نجاح العديد من منتخباتنا في الفئات العمرية وتوجيه بوصلة تطورها وفق الإحداثيات المنطقية الصحيحة. استذكرت هذه الانثيالات بعد مطالعتي تصريحات مدرب منتخبنا الشبابي الجديد الكابتن عماد محمد وتعهده بخلق منتخب جديد خال من التزوير ومرتكز على الأعمار الحقيقية، من أجل وضع أسس نظيفة وراسخة في بناء المنتخبات، وفي الوقت الذي نثمن ونقدر فيه عاليا هذا الحرص والعزم والتصميم لدى الكابتن عماد، نتمنى مخلصين تعضيد المسعى النبيل لمدرب منتخب الشباب عبر بعض التدابير والإجراءات التي جرت قبل أربعة أعوام، وتجسدت في التعاون بين وزارة الشباب والرياضة واتحاد الكرة من أجل مكافحة آفة التزوير، ومنها خضوع لاعبي منتخب الناشئين الذي تأهل الى نهائيات كأس العالم الماضية في الهند، وهو كان المرشح بعد البطولة ليكون منتخبنا الشبابي، الى فحوصات الأعمار في المختبر الفسلجي المتخصص في وزارة الشباب والرياضة، لاسيما أن هذا المنتخب كان من دون بقية المنتخبات المعنية بقضية الأعمار قد خضع لاعبوه للفحوصات قبل وقبيل مشاركته في التصفيات الاسيوية التي جرت في قطر، وتأهل منها بجدارة الى نهائيات اسيا، وكانت تلك الفحوصات الطبية الدقيقة قد نتج عنها استبعاد عدد من لاعبيه بعد الاشتباه الطبي بحدوث تلاعب صريح في أعمارهم، وهو في حقيقة الأمر ليس اشتباها بقدر كونه تثبيتا لواقعة تلاعب كانت انعكاساتها إيجابية على الفريق بدليل عروضه ونتائجه المبهرة في تصفيات الدوحة، ثم في بطولتي اسيا والعالم، التي سبقها بإعداد لم يكن على درجة من المقبولية، ناهيك عن حرمانه من عناصر كانت أساسية في تشكيلته وتم تعويضها بعناصر أخرى بأعمار حقيقية في وقت قياسي جدا، وكانت شطارة كبيرة تحسب لمدربه المجتهد انذاك قحطان جثير الذي أشرف على المنتخب نفسه تحت مسمى منتخب الشباب وأثيرت من حوله شبهات بالتزوير، والسؤال الذي فرض نفسه وقتذاك هو: لماذا لم تخضع بقية منتخبات الفئات العمرية بما في ذلك المنتخب الأولمبي الى التدابير ذاتها طبيا ومختبريا كما حدث مع ناشئة قحطان جثير؟ وهل كانت الخلافات أو العلاقة شبه المقطوعة بين الوزارة والاتحاد السابق تبريرا منطقيا في إهمال تلك الفحوصات برغم ارتباطها المباشر بسمعة الوطن ومصلحة الكرة العراقية ؟.
اتحاد الكرة بنسخته التطبيعية الراهنة نتمنى عليه المضي بقوة في طريق محاربة التزوير بجميع أشكاله وصوره والعناوين والشخصيات التي تقف خلفه، من دون استثناءات لأي منتخب من المنتخبات الوطنية، والضرب بقبضة من حديد لكل من يعمل بقضية التزوير وإحالته على القضاء وليس فقط الاكتفاء بالعقوبات الانضباطية، ولم تكن حادثة منتخب الناشئين قبل سنوات قليلة بكل أسف مع كل مرارتها وقساوتها وتأثيراتها السلبية وصداها السيئ خارجيا، محطة انطلاق جديدة وحاسمة في البناء الكروي السليم والنظيف لمنتخباتنا الوطنية، بعد أن تسرب الإهمال والتغاضي عن التزوير الى نفوس من يقودون اللعبة، وكذلك من المطلوب التعامل بردع وقوة مع فرق الأندية المشاركة في مسابقات دوري الفئات العمرية، لأن الفساد يبدأ من تلك الفرق، مع أنها مسؤولية تضامنية يتحملها الجميع وليس اتحاد الكرة فقط .