فضاؤنا الرقمي

آراء 2021/06/03
...

 سرور العلي 
 
يعرف العنف الرقمي على أنه كل مضايقة إلكترونية تمارس ضد المرأة، وهو يشبه إلى حد كبير العنف الجسدي، كونه يسبب الألم ويترك أثراً سيئاً بداخلها، وتفاقمت تلك الظاهرة مع تطور وزيادة استخدامنا لمنصات التواصل الاجتماعي، ناهيك عن دخول تطبيقات جديدة للدردشة في كل يوم، مما فسح المجال امام الكثيرين، لتكون مرتعاً لممارسة كل اساليب التعنيف والترهيب من إساءة، وتنمر، وابتزاز، وتهديدات مختلفة، وترك تعليقات وعبارات غير لائقة، وقد تكون في أحيان كثيرة خادشة للحياء، حتى اصبحت شبكات الإنترنت بيئة غير آمنة.
ومن البديهي أن النتائج ستكون خطيرة على الطرف المتضرر، كالتفكير بالانتحار، لاسيما أولئك الفتيات اللواتي يتعرضن لعمليات الابتزاز المباشر، عبر تهديدهن بصورهن أو مقاطع فيديو لهن، أو اختراق حساباتهن وسرقة محتواهن، مما يشعرهن بأن حياتهن مهددة ومضطهدة. 
وعادة ما تلتزم المرأة الصمت، ولا تبلغ عن العنف الرقمي، ولن تطلب المساعدة من الجهات الأمنية، على الرغم من أن هناك قوانين تجرم هذا الفعل المشين، وفي مجتمعنا العربي، خاصة العراقي الذي تغلب عليه الصبغة العشائرية، والقبلية والمحافظة، والالتزام بالعادات والتقاليد فغالباً ما يقع اللوم على الضحية، ويترك الفاعل.
ومما زاد من اتساع المشكلة هو سهولة انشاء الحسابات الشخصية على منصات التواصل، بأسماء وهمية، وصور مزيفة، ما أسهم في زيادة الافعال السلبية التي تمارس في الخفاء من قبل اشخاص مضطربين نفسياً، كذلك فان اختلال التربية للأفراد، وتنشئتهم الخاطئة، واعطاء الاولوية والهيمنة للذكور لعب دورا  أيضا. 
ولكننا لا بد من محاسبة المقصرين، وتوفير الحماية للنساء اللواتي يبلغن عن حالات عنف، وتذكيرهن بأن ابلاغهن سيقضي على تلك الظاهرة في المجتمع، كونهن سيشجعن الأخريات على الابلاغ، إضافة إلى ضرورة عقد الورش، وشن الحملات للتوعية، وتثقيف الفتيات وتحذيرهن من عدم إعطاء أي معلومة تخصهن لأي شخص، والتقليل من دخولهن للفضاء الرقمي، وتمكينهن لتأمين حساباتهن على شبكات الإنترنت، وتغيير كلمات المرور من حين لآخر، واكسابهن الخبرة والمهارة الكافية، لمحاربة المبتزين، وحماية أنفسهن من التصيد، وضمان حق المرأة، وتوفير لها بيئة آمنة، ومطمئنة للعيش.