إنتاج الطاقة أم استلابها؟

آراء 2021/06/03
...

 د.نازك بدير*
 
في الوقت الذي تتسابق فيه الدول على إنتاج الطاقة البديلة، وتعقد الصفقات مع بعضها البعض لتعزيز هذا التوجّه، ومن بينها اتفاقيّة تطوير مشتركة بين السويد والنرويج حول تطوير مشاريع إنتاج طاقة ريحيّة عائمة، وكذلك التعاون في قطاع الطاقة المتجدّدة بين النرويج والإمارات، ودعم الأخيرة للأردن في هذا المجال، بين هذه «المشاريع النظيفة» وصفوف الألواح الشمسيّة التي تغطّي مساحات شاسعة من حقول النرويج وغيرها من الدول، وبين مرأى الطوابير التي تكرّست كجزء من يوميّات المواطن اللبناني ثمّة هوّة شاسعة. ساعات الفجر الأولى لم تعد موعد الانطلاق إلى العمل، فقدت البشارة بنهار جديد، هي سير على درب الآلام، بدْء بسلسلة معاناة. المتاهة نفسها يُزَجّ فيها مَن قَدَره البقاء على هذه 
الأرض.
السؤال الذي يُطرَح: ما الذي جناه الفرد حتّى يتوسّل الرغيف تارة، وليترات الوقود تارة أخرى؟ يتعرّض إلى الذلّ، يشرذم نفسه بين طوابير محطّات الوقود، وعلى أبواب الصيدليّات بحثا عن الدواء. والمفارقة، أنّه في ظلّ هذه الأزمات جميعها لا يزال مطالبًا بدفع الضرائب كما لو كانت الدولة ملتزمة أمامه بتقديم الخدمات الأساسيّة، لا سيّما استتباب الأمن، والخدمات الطبيّة والتعليميّة، وصيانة البنى التحتية... 
من المؤسف القول إنّ المسؤولين في غيبوبة تامّة عمّا يحصل، بعيدون من هموم 
الناس. 
هم يدركون في قرارة أنفسهم أنّ مَن أوصلهم إلى كراسيّهم سيُعيد الكرَّة نفسها في الانتخابات المقبلة. وكأنّ الشعب محكوم بعبادة جلّاديه، وكلّما أمعنوا في تجويعه وإذلاله، كلما ازدادت الضحيّة تأليهًا للمعتدي وارتهانًا 
له.
ثمّة تناقض يعيشه بعض المواطنين الذين يفاخرون بجذورهم العربيّة وما تمثّله من قيم الحقّ والعدل والشهامة، وبين سلوكيّاتهم التي تتعارض مع ما تقدّم، فما يرتضيه المرء لنفسه من إذلال وتحقير وتهميش وهدْر حقوق - في أيّ موقع كان - هو بعيد كلّ البعد من القيم الحقّة التي يتغنّى 
بها. 
قبل أن ينادي برفْع الظلم عن الآخر وإعادة الحقوق المسلوبة، فليرفعِ الظلم الواقع عليه، وليسْتعِد ما سُلِبَ 
منه.
شيئًا فشيئًا، سُلِب المواطن حقوقه كلّها. وهو في خضمّ الصّراع للبقاء على قيد الحياة، نسي أنّه موجود، ولم يعد لحياته من
 معنى.
 
*أكاديمية لبنانيّة