أزمة لبنان الحكوميَّة الحادة.. اقفال كبيرة

الرياضة 2021/06/03
...

 بيروت : جبار عودة الخطاط
 
لاحت نذر رياحها العاتية في 17 تشرين الثاني عام 2019وتصاعدت لتأخذ شكل أزمة سياسيَّة معقدة ألقت بظلالها الثقيلة على اللبنانيين الباحثين اليوم عن أبسط أبجديات حياتهم في خضم مصاعب اقتصادية واجتماعية جمة.
بينما انخرط الفرقاء السياسيون في تبادل الاتهامات والتنصل من المسؤولية، من دون الالتفات لعمق المأساة، واتسعت الفجوة بين فريق "المكلف" سعد الحريري، وفريق الرئيس اللبناني ميشال عون، منذرةً بمرحلة كارثية قوامها الانحدار والارتطام الشديد في قعر الانهيار، مسألة تشكيل الحكومة التي يفترض قيامها بحلول إنقاذية للوضع المتردي، باتت في غاية التعقيد في ظل اشتباك دقيق بين عوامل التأثير الخارجي، ومعترك التقاطعات الداخلية المقترنة بالحسابات الطائفية.
وما من حلول للعديد من الوساطات والمبادرات، خارجياً مثل مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون، وداخلياً مثل مبادرة مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ومبادرة البطريرك الراعي، وآخرها مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري القاضية بتشكيل كابينة وزارية من 24 وزيراً لا "ثلث معطلاً" فيها، والتوافق على حل عقدتي وزارة الداخلية، وتسمية الوزارات المسيحية.
ورغم ما أشيع مؤخراً من أجواء تفاؤل أفادت باستعداد الحريري بالتعاطي الإيجابي مع مبادرة بري، غير أنَّ التسريبات التي خرجت بعد ذلك من اجتماعه مع رؤساء الحكومات السابقين، ولاسيما تصريح رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ومفاده "في ظل تعنت الفريق السياسي للرئيس عون فلا تشكيل ولا اعتذار"، أبقت مسارات الملف الحكومي تراوح في مكانها في خضم أخبار تكررت تقول إنَّ الحريري بات يفكر جدياً في خيار "الانسحاب"، غير أنها أصبحت موضع شك لدى المراقبين وهم يرونه يتقدم خطوة نحو الاعتذار، ويتأخر خطوتين باتجاه التراجع عن قرار الاعتذار، مما جعل العديد من العارفين بالشأن اللبناني يرون أن الحريري يعمد إلى عدم تشكيل الحكومة حالياً ريثما تحسم حكومة تصريف الأعمال اللبنانية للدكتور حسان دياب ملف رفع الدعم عن السلع الأساسية كي لا يتحمل الحريري وزر وتبعات هذا القرار على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي.
ويذهب الكثيرون إلى أنَّ مشكلة الحريري خارجية وتحديداً عند ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي وضع -كما تفيد عدة أوساط- "فيتو" على شخص الحريري، وأنَّ الأخير وعبر سفراته الأخيرة لمصر والإمارات وفرنسا طلب تدخل الفاعلين فيها، بغية التوسط لدى الرياض، وجاءت التصريحات الواضحة التي أطلقها وليد جنبلاط وهو واحد من أقرب حلفاء الحريري، والتي ذكر فيها أنَّ السعودية لا تقبل برئاسة الحريري للحكومة، لتدعم هذه الرؤية.
أما الحريري فيقول إنَّ كلمة السر في عرقلة تشكيل الحكومة هي الرئيس عون وصهره الوزير السابق باسيل وسعيهما للحصول على "الثلث المعطل"، في حين رهن فريق من المراقبين تحقيق تقدم في الملف الحكومي بمسألة تحقيق تقدم في مفاوضات فيينا بشأن الملف النووي الإيراني ومدى حصول توافق بين واشنطن وطهران يمكن أنْ ينعكس إيجاباً على لبنان، بينما رفض حزب الله ذلك،  مشدداً على أنَّ المشكلة داخلية تكمن في أزمة ثقة بين الحريري وجبران باسيل، أما باريس التي وجدت مبادرة رئيسها ماكرون تغرق في تضاريس المستنقع اللبناني فأكدت أخيراً أنّها لم تعد تثق بساسة لبنان، وجاءت خطوة رئيسها قبل أيام باستقبال قائد الجيش اللبناني جوزيف عون لتفجر الكثير من التكهنات في الشارع اللبناني عن التوجه الأخير لباريس حيال الأزمة اللبنانية، بينما بقيت واشنطن تراقب الملف اللبناني عبر منظورها المتقاطع مع حزب الله وفرض المزيد من عقوباتها من جهة، وعبر سعيها الحثيث لضخ الروح في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود دون أنْتفصح عن رؤية واضحة حيال ملف تشكيل الحكومة الشائك.