استعادة المشاريع المتلكئة

آراء 2021/06/05
...

 حسن عبدالرضا الكناني  
لا يخفى على أحد ما للمشاريع من اثر كبير على اقتصاديات الدول ومنها تستمد المؤسسات استمراريتها وديمومتها في سوق العمل او ما يسمى بمصطلح «Sustainability»، ولهذا السبب يجب على القطاعين العام والخاص الحرص على انجاز وتشغيل المشاريع لتحقيق العوائد المادية وخلق فرص العمل وتنشيط الاقتصاد وخلق الخدمات والسلع، إذ وحسب تعريف معهد ادارة المشاريع الاميركي PMI »Project anagement Institute» الذي يعرف المشروع بأنه  «مسعى مؤقت يتم إجراؤه لإنشاء منتج أو خدمة أو نتيجة فريدة».
ومن المؤكد ان «الخدمات، المنتجات، النتائج» مطلوبة في سوق العمل ولها قيمة تسويقية من خلالها تحقق المشاريع عوائدها المرجوة، سواء كانت هذه العوائد اقتصادية او اجتماعية، ولكن وخلال مرحلة تنفيذ المشروع تحدث بعض المخاطر «Risk» والعقبات التي تؤدي الى حدوث تباين «Variance» في المشروع على مستوى الجدول الزمني والكلفة او اي من خطوط الاساس الاخرى للمشروع «ProjectBaselines» وعندها يجب وضع خطة وستراتيجية لاستعادة «انعاش» «Recovery» المشروع من اجل تشغيله وتحقيق الاهداف التي من اجلها أقر المشروع وتم تمويله وحسب دراسة الجدوى الخاصة به، ولهذه الاهمية سوف يتم استعراض اهم عوامل الاستعادة الناجحة التي يجب ان تأخذ بنظر الاعتبار عند وضع اي خطة استعادة للمشروع «المشاريع» والاستفادة من تشغيلها. 
 
عوامل النجاح الحاسمة:
اولا: خطة تمويل موثوقة وآمنة للمشروع
من أجل إنجاز المشروع يجب وضع خطة تمويل مضمونة تضمن توفر السيولة المالية المطلوبة لتنفيذ باقي فعاليات المشروع التي يتم تحديدها خلال دراسة حالة المشروع وتوفير التمويل المطلوب لانجازها وضمان عدم تعرض المشروع للمشكلات السابقة نفسها للتأكد من إكماله والاستفادة من الخدمات «المنتجات» التي يهدف المشروع لتحقيقها.
ثانيا: الالتزام بنطاق العمل المحدد للمشروع والمحافظة على نطاق المشروع   
يلتزم فريق المشروع بنطاق العمل المحدد وشروط العقد المتفق عليها، والالتزامات التي تؤدي إلى نجاح المشروع، وهذا يتم من خلال المحافظة على نطاق عمل المشروع وتجنب التغييرات غير الضرورية من أجل إنجاز المشروع وعدم تعرضه للتباين «Variance» بشكل متكرر وعودة المشروع الى حالة التلكؤ «Troubled»  لعدم كفاية الميزانية المتوفرة و/ او  مشكلة التأخر بالإنجاز. 
ثالثا: وضع ستراتيجية مناسبة للتعامل مع مخاطر المشروع 
من أهم عوامل نجاح خطة الاستعادة «Recovery Plan» هو إدارة مخاطر المشروع «Project Risk» والتي يعرف حسب معهد ادارة المشاريع الاميركي بأنه «هو حدث أو شرط غير مؤكد يكون له، في حالة حدوثه، تأثير إيجابي أو سلبي على هدف أو أكثر من أهداف المشروع»، ومن أجل تجنب تأخر المشروع وارتفاع تكاليفة، وربما يؤدي ذلك الى توقف المشروع لعدم كفاية الميزانية المتوفرة تارة، وتارة أخرى تأخر المشروع الى فترات زمنية تجعل إكمال المشروع لم يعد ذا اهمية، وبذلك فقدان مبالغ ضخمة، ومن أجل ذلك كان لزاما على فريق عمل الاستعادة «Project Recovery Team» وضع الستراتيجيات لمعالجة المخاطر و/ او العقبات التي ادت الى هذا الاضطراب في انجاز المشروع لضمان عدم تأثيرها في انجاز المشروع، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان يتم تحديد عقبات المشروع في وقت مبكر خلال مرحلة الاستعادة للمشروع «Recovery» وتخفيفها ووضع الستراتيجيات المناسبة لها في الوقت المناسب لضمان عدم التأثير في الجدول الزمني للمشروع وتجنب ارتفاع تكاليف المشروع مرة أخرى.
رابعا: جهة استشارية «او فريق عمل مشترك» من اجل وضع معايير احترافية وفعالة خاضعة لقبول طرفي المشروع 
إن من أهم العوامل التي تؤدي الى تعثر المشاريع هو الاختلاف في تفسير وفهم مفردات العقد ومتطلبات المشروع، مما يؤدي الى حدوث خلافات مالية وتعاقدية تؤدي في بعض الاحيان الى توقف صرف المستحقات المالية للمقاول، وهذا بدوره قد يؤدي الى تلكؤ المشروع وتوقفه لفترات طويلة، ومن العوامل التي تخفف من أضرار هذا الخلاف هو اللجوء الى شركة استشارية او تشكيل فريق عمل مشترك لصياغة المعايير والمتطلبات التي من شأنها أن تسهل عملية القبول بمخرجات المشروع وعدم تأثره بالخلافات التي ربما تنشأ من جراء التفسير غير الموفق في بعض الحالات.
خامسا: اتباع المعايير والمبادئ التي تم الاتفاق عليها في رابعا
إن اتباع إجراءات المشروع والمبادئ التوجيهية التي وضعتها الجهة الاستشارية «او فريق عمل مشترك» المتفق عليها بدقة، والمراجعة الفنية لموظفي إدارة المشروع لتكون متوافقة مع  المتطلبات والمعايير التي تم الاتفاق على وضعها يسهم بدرجة فعالة بتجنب اضطراب المشروع وتلكئه مرة أخرى. 
سادسا :- خطط العمل والموارد المحددة لتلبية خطة الاستعادة «الانعاش Recovery» قابلة للتنفيذ وتحقيق الإنجاز
بالنظر إلى خصوصية خطة الاستعادة، فإن الخطة الموضوعة لمشروع متلكئ (مضطرب) لا تشبه خطة مشروع جديد، إذ توجد العديد من الاختلافات الرئيسة، ندرج أدناه بعضا منها:
 
 خطة المشروع لمشروع مضطرب:
 يجب ان تكون الخطة واقعية وقابلة للتنفيذ وتجنب فشل الخطة بأي شكل من الاشكال وعودة المشروع الى حالة التلكؤ «الاضطراب» مرة أخرى. بسبب خصوصية المشروع ولأهميته بالاسترداد «الانعاش» سوف يكون هناك تدقيق من قبل الادارات لمتابعة حالة المشروع، وعليه على فريق الاستعادة ان يمتلك تفسيرا وتبريرا لكل اجراء يتخذه خلال فترة التنفيذ.
 يوفر تغييرات أساسية واسعة في النطاق والجدول الزمني والتكلفة «بمعنى توفر الصلاحيات اللازمة لادارة التغييرات والتي ربما تشمل حذف بعض اعمال المشروع او تقليل مواصفاتها من اجل إنجاز المشروع بما متوفر من مبالغ مالية وفترة زمنية تكون ذا جدوى لإنجازه». 
 يجب ان يخضع لمراقبة وسيطرة أكثر شدة من خلال وضع اجراءات سيطرة ومراقبة تساعد على التنبؤ بحالة المشروع بشكل مبكر وتجنب المخاطر التي تنشأ لاحقا، وربما تكون سببا لتأخر المشروع او ارتفاع كلفته.
 التواصل الفعال «Efficient Communications» بين ادارة المشروع والمعنيين لغرض الابلاغ عن حالة المشروع يسهم بشكل كبير على نجاح خطة الاستعادة كونه يمنح اصحاب القرار القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة بالتوقيتات المطلوبة، وتجنب المزيد من التأخير، وهذا ما يسمى بالتواصل الفعال.  
يجب اتخاذ الإجراءات التصحيحية و/ أو الإجراءات الوقائية بسرعة عند الضرورة، وهذا يحدث عند توفر التواصل الفعال المشار اليه أعلاه. 
إشراك أصحاب المصلحة الرئيسين واطلاعهم بتقرير المشروع بشكل دوري منتظم. 
عوامل النجاح التي تمت مناقشتها بشكل مختصر في أعلاه تسهم وبدرجة لا تقبل الشك بانتشال المشاريع من التلكؤ وضمان الاستفادة منها ومن الخدمات «او المنتجات التي تقدمها»، مما يسهم بدفع عجلة الاقتصاد وخلق الخدمات والمنتجات التي تسهم بطريقة وأخرى بدعم الاقتصاد وتوفير فرص العمل وزيادة ايرادات او تقليل الاستيراد للسلع والخدمات، إذ من المؤكد سوف توفر تدفقا ايجابيا للنقد على مستوى البلد وتحقيق الاهداف التي من أجلها أقرت
 المشاريع.