القاضي أريج خليل
الجزء الثاني/ تجريم الأعمال التحضيرية
جاء في البند أولا من المادة (1) من قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته رقم 41 لسنة 2008 «يمنع تحوير خزانات الوقود في جميع المركبات لاغراض التهريب، مما يجعلها تستوعب اكثر من طاقتها التصميمية، وجاء في المادة العقابية الخاصة بهذا القانون وهي المادة 3 / اولا من القانون اعلاه» يعاقب بالحبس او السجن والغرامة بخمسة اضعاف المادة المهربة، كل من خالف احكام المادة (1) من هذا القانون سواء كان فاعلا اصليا او شريكا في الجريمة»، اي ان قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته نص على تجريم فعل تحوير المركبات، وافترض النص القانوني ان كل تحوير في الطاقة الاستيعابية للخزان هو بقصد التهريب.
وقد عرفت الفقرة رابعا من المادة (1) من ذات القانون فعل التحوير بأنه «تغيير شكل وسعة وتصميم الشيء لغرض الاستخدام لغاية مغايرة للغرض الأصلي الذي صنع من أجله».
وان القصد من التحوير لأغراض هذا القانون هو تغيير في شكل وسعة خزان وقود المركبات بالشكل الذي يترتب عليه زيادة في سعة الخزان التصميمية، وبذلك فإن التحوير المقصود في المركبات الناقلة للنفط ومشتقاته يتعلق بالخزان فاذا كانت المركبة محورة في جزء اخر غير الخزان فأنه لا يعد ذلك جريمة وفق احكام المادة 3 / اولا من قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته وان شكل ذلك جريمة وفق قانون الكمارك رقم 23 لسنة 1984 المعدل.
ومن جانب اخر نجد المشرع العراقي بتجريمه لفعل التحوير فانه ساوى من ناحيتي التجريم والعقاب بين الاعمال التحضيرية لتهريب النفط ومشتقاته وبين الجريمة التامة، فاعتبر ان من يقوم بتحوير المركبة لغرض زيادة طاقتها الاستيعابية يعاقب وفق احكام المادة 3 / اولا من القانون حتى وان كانت المركبة فارغة من المنتوج عند الضبط، حيث ان تحويرها اعتبر قرينة قانونية لا تقبل اثبات العكس على ان المركبة مهيأة ومعدة للتهريب، ويكون مرتكب فعل التحوير متساويا في التجريم والعقاب مع من يضبط وهو يحوز منتوج نفطي بقصد التهريب، واعتبر القانون كلا الفعلين معاقبا عليهما بذات العقوبة الواردة في المادة 3 / اولا من قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته، وبذلك يكون المشرع العراقي في هذا النص القانوني خرج عن القواعد المقررة في القانون العام وهو قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 والذي لا يعاقب على مجرد الاعمال التحضيرية التي تسبق ارتكاب الجريمة.
ان غاية المشرع العراقي في الخروج عن القواعد العامة هي لغرض اتخاذ اجراءات استباقية ووقائية تمنع تهريب النفط كونه ثروة وطنية، وفي حالة خروجه من البلد يكون من الصعب ضبطه بعد ذلك، ولخطورة هذه الجريمة لجأ المشرع الى تجريم الاعمال التحضيرية لها بغية اعطاء الجريمة حجمها المناسب، خاصة اذا ما اخذ بنظر الاعتبار تأثيرها على الامن العام والاقتصاد الوطني.
الا أن المشرع العراقي في ذات النص القانوني لجأ الى توسيع نطاق التجريم وشمل الاعمال التحضيرية وعاقب على فعل التحوير ولكن في الوقت نفسه حاول تحجيم الجريمة وحدد تحوير المركبات، من دون السفن والبواخر والزوارق خاصة ان القانون هو الغرض منه مكافحة
جريمة التهريب للمنتوج النفطي خارج البلد، وان التهريب الخارجي نادرا ما يكون بالمركبات المتمثلة بالصهاريج والحوضيات وغيرها، وغالبا ما يكون عن طريق السفن العملاقة والبواخر والزوارق المخصصة لهذا الغرض،
خاصة وان المشرع في المادة ( 2 ) من القانون نفسه نص «يحال الى المحكمة الجمركية سائق المركبة او الزورق او ربان السفينة ومستخدمو وسائط النقل الاخرى، وكل من اشترك معهم في الجريمة، فنكون امام تناقض تشريعي واضح وخلل في الصياغة التشريعية، والذي من المؤكد يؤدي الى خلل بالتطبيق وهذا التناقض يستحق الوقوف عنده، والسعي لتعديل القانون بالشكل الذي يتسع
فيه نطاق التطبيق، لغرض تجريم الأعمال التحضيرية الخاصة بتحوير السفن والبواخر والزوارق المخصصة لهذا الغرض.