في عيد الصحافة العراقية الاعلام وصناعة الأمل

آراء 2021/06/15
...

 عبدالزهرة محمد الهنداوي
 
يعد العراق، من البلدان العريقة في المنطقة بالتعامل مع الاعلام، فقد عرف العراقيون الصحافة، عام 1869، عندما صدرت اول صحيفة عراقية، هي صحيفة {زوراء} التي تصادف ذكرى تأسيسها هذه الايام، وقد اصبحت هذه المناسبة عيدا للصحافة العراقية، وفي العام 1936، دشن العراقيون العمل الاذاعي،.
 اذ شهد الأثير أول بث لاذاعة بغداد، وفي عام 1975، دخل التلفزيون الى الساحة، لتكتمل الثلاثية الاعلامية (المقروء، المسموع، والمرئي)، وبهذا يكون العراق قد سبق اغلب بلدان المنطقة، في المجال الاعلامي، ومعنى هذا انه يحمل ارثا كبيرا وخبرات واسعة ورؤى ناضجة تؤهله لأن يقود الاعلام 
العربي.
ولا شك أن هذه الثلاثية، أدت دورا كبيرا على مدى عقود طويلة، في التعامل مع مجريات الاحداث، وأسهمت في تكريس الكثير من المفاهيم الايجابية، سواء على مستوى التفكير او السلوك المجتمعي.
وبعد عام 2003، اتسع المجال، وتغير المشهد، اذ عاش العراق، أول وأوسع تجربة اعلامية، على مدى تاريخه الاعلامي العريق، تجربة اتسمت بارتفاع سقف الحرية، مع تراجع واضح للقيم السلوكية التي تضبط ايقاع العمل الاعلامي، بنحو عام، ليبقى الضمير المهني، والحس الوطني، هو الحاكم الوحيد، وهذا الحاكم غاب عند الكثيرين، ما أحدث حالة تشبه الفوضى، وبدلا من ان يؤدي الاعلام دورا ايجابيا في صناعة الحياة، (وهنا اتحدث عن البعض، وليس الكل)، ذهب هذا البعض الى تبني خطاب، سوداوي، اسهم في خلق رأي عام سلبي، ازاء كل شيء، وكان من نتاج ذلك، ان اصبح مشهد الحياة في العراق الذي يصوره هذا الاعلام، في منتهى السوء والبؤس، وهذه الصورة المأساوية، وصلت الى المتلقي العربي، فتشوهت صورة البلد بنحو غير مسبوق، لذلك فان الزائر الى العراق، لاول مرة يشعر بالصدمة، عندما يكتشف ذلك الاختلاف الهائل بين الصورة الذهنية التي كوّنها في مخيلته، معتمدا على مسموعاته الاعلامية، وبين الصورة التي يجدها امامه في ارض الواقع، حيث الحياة والجمال والتطور الكبير، والمستوى المعيشي للعراقيين.
واذ اتحدث بهذا المضمون، فهذا لا يعني، أن العراق اصبح مثل فنلندا او السويد، وان كنت اعتقد ان شمسنا افضل من بردهم بكثير، ولكن ينبغي على الاعلام المهني ان ينظر بعينين الى الصورة، لينقلها الى المتلقي كاملة، اما ان يجتزئ البقعة السوداء منها، ويسلط عليها كل الاضواء، ويتجاهل باقي الالوان، فقطعا انه سيسهم في تخريب اللوحة، وذائقة المشاهد في آن واحد، ومثل هذا السلوك من شأنه، ان يقمع الحياة، بدلا من صناعتها بصيغ جميلة، تبعث الامل والتفاؤل في نفوس 
الناس.
تهاني طيبات للصحافة العراقية في عيدها الثاني والخمسين بعد المئة.