قتل في وضح النهار

الباب المفتوح 2021/06/16
...

نجم الشيخ داغر 
 
في حديث للامام الحسن (عليه السلام) وقد سئل عن الجبن؟، قال هو (الجرأة على الصديق، والنكول عن العدو) ميزان الحكمة ج1 ص 370. الجبن حالة نفسية مقيتة سببها عجز النفس وضعف اليقين كما يحللها أمير البلغاء علي (ع)، ومن ثم فإن الجبان تراه كما في الحديث شجاعا مقداما على أخوته او أبناء جلدته وأصدقائه، خائفا منهزما أمام العدو الحقيقي.  
من هنا فإن أولى هزائمه المتحققة كانت أمام نفسه الامارة وسيدها الشيطان فبات ألعوبة بيدهما يحركونهما يمينًا وشمالا واضعين اللجام في فمه، خائضين فيه غمار المعاصي والموبقات بعد ان ذبحا ضميره من الوريد الى الوريد. 
كل هذا أراه متحققا بلا أدنى شك او شبهة عند من يمارسون هوايتهم الشيطانية الجبانة المتمثلة باطلاق الرصاص الحي بمناسبة وغير مناسبة، وهم يعلمون علم اليقين انه ربما يسقط على طفل او اي شخص برئ ويقتله بلا ذنب اقترفه.  
فلم نَرَ هؤلاء في ساحات الوغى يوم هجم الارهاب على مدننا، بل احتفظوا بأسلحتهم وجلسوا في بيوتهم وكأنهم غير معنيين بالامر، ولم تظهر شجاعتهم سوى على السماء وهم يوجهون صوبها اسلحتهم ومطلقين الرشقة تلو الرشقة وغير مبالين اين تسقط رصاصاتهم الغادرة والجبانة.  
قبل أيام فجعنا بمقتل شاب في مقتبل العمر، كل ذنبه انه كان يسير في شارع ما، حينما اطلق جبان الرصاص محتفلا، تلاه بيوم او يومين مقتل طفل ما بين السابعة والتاسعة من عمره بالطريقة نفسها، كل ذلك على مرأى ومسمع من الحكومة وكل اجهزتها الامنية!. 
المشكلة اننا نعيش في مجتمع اسلامي يحرم القتل من دون سبب، ونسمع ليلا ونهارا الاحاديث التي تحرم ذلك وتعد فاعلي هذا الجرم بالعذاب الاليم، بيد ان لا حياة لمن تنادي، وكأنك تحدث امواتا يسكنون القبور. فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أشار إلى أخيه المسلم بسلاحه لعنته الملائكة حتى ينحيه عنه» مستدرك الوسائل، ج9، ص 148. سبحان الله، من يشير الى اخيه بسلاحه، فكيف بمن يقتله بلا ذنب يا رسول الله؟. والقران الكريم يقول (مَن قَتَلَ نَفسَا بِغَیرِ نَفسٍ أَو فَسَاد فِی ٱلأَرضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِیعا..) المائدة 32، ورغم ذلك يبقى مسلسل الاستهتار بارواح الناس مستمر وفي تصاعد، لذلك من لا يؤدبه الضمير فلا بد ان تؤدبه العصا، وعلى الاجهزة الامنية أخذ دورها وتنقذ الناس من هذا القتل اليومي لها، عبر تفعيل القوانين والحاق هذه الجريمة بقانون الارهاب، كونها لا تقل عنه بشاعة.  
وفي تأمل بسيط بأحوال هؤلاء القتلة، اكتشفت انهم يتشابهون في اخلاقهم السيئة وطبيعتهم الشاذة، وكأنهم اصيبوا بفيروس واحد، ولكن الغريب انهم ومع انحرافهم هذا يحظون باحترام عشائرهم، الامر الذي يؤشر على ان هذا الوباء منتشر في النفوس، فمنهم من يظهره للعلن ومنهم من ينتظر الفرصة لذلك، وإلا لكانوا امتعضوا من فعلهم ومنعوهم من ممارسة هوايتهم الشيطانية في احزانهم وافراحهم، كما فعلنا نحن في مناسباتنا، حتى بات الجميع لا يتجرأ على هذا الفعل امامنا.  
ولعل هذا ما يفسر جنوح مجتمعنا نحو العنف، اذ بات اولى الحلول لابسط القضايا واتفهها، إلا ما رحم ربي بوجود بعض ممن ما يزال متمسكا بمكارم الاخلاق والتسامح
 والعقلانية.