أميركا تعاني لكبح الهجمات السيبرانية

علوم وتكنلوجيا 2021/06/17
...

  دومينيك روش
 
  ترجمة: خالد قاسم
 
وجدت خبيرة الأمن السيبراني «ليزا دونان» نفسها تنضم الى طوابير طويلة للحصول على الوقود بمختلف مناطق الساحل الشرقي للولايات المتحدة بعد الهجوم الأخير ضمن سلسلة هجمات سيبرانية وتسبب بإغلاق أنبوب النفط المزود للوقود لنحو نصف تلك المنطقة. كان اختراق «أنبوب نفط كولونيال» إحدى حلقات سلسلة هجمات ضربت أميركا ودولا أخرى مؤخراً، وأغلق القراصنة «جي بي أس» أكبر شركة تصنيع لحوم في العالم مما أحدث اضطرابا بسوق اللحوم، وأغلقوا مدارس في ولاية آيوا وضربوا مستشفيات في آيرلندا، وذكر خبراء أنه تصعيد خطير لهذه الموجة من الجرائم التي توسعت من عمليات ابتزاز صغيرة قبل سنوات قليلة الى هجمات كبيرة تهدد معيشة وحياة ملايين الأشخاص.
يقول مسؤولون أميركيون إنَّ مصدر الهجمات الأخيرة هو روسيا، وجرى تنفيذ عمليات أخذ الفدية من أراضيها. وذكر إيريك غرين، مدير قسم روسيا وآسيا الوسطى في مجلس الأمن القومي، أن إحدى النتائج المتوقعة لقمة الرئيسين الأميركي والروسي في جنيف هي حوار روتيني بين كبار مسؤولي البلدين بهدف جلب الاستقرار للعلاقة بينهما، ومن بين قضايا هذا الحوار هجمات الفدية.يذكر مسؤولون أميركيون أنَّ واشنطن ضغطت على الناتو لتوسيع مشاركته في الدفاع السيبراني خلال قمة الحلف في بروكسل. لكن يبقى سؤال بدون إجابة وهو كيفية الرد على هجمات فدية لجماعات إجرامية تنفي الدول المستضيفة لها مسؤوليتها عنها.
تزداد الضغوط على الرئيس الأميركي بايدن من أجل التصدي لهذه الهجمات، فهناك زيادة قدرها 62 بالمئة بطلبات الفدية عالميا منذ 2019، وزيادة 158 بالمئة في أميركا الشمالية وحدها، وفقا لتقرير التهديد السيبراني للعام الحالي. وإلى جانب هذه الزيادة فقد تغيرت طبيعة الجرائم وأهدافها أيضا.
لا تتوقع الخبيرة دونان أي تراجع في الهجمات، فدول مثل الصين وكوريا الشمالية وروسيا تزداد طموحا في هجماتها أما المشاريع الإجرامية التي تعمل تحت ظلها فتزداد وقاحة. ويعود جانب من الزيادة الحالية الى الوباء، إذ ساعد القراصنة عبر تسريع رقمنة نشاطهم ومنحهم قدرة وصول أكبر لأن الأفراد والشركات انتقلوا الى العمل عن بعد، ويأتي في صدارة تلك الزيادة انفجار بتطوير البرمجيات.
من جهة أخرى لا توجد عواقب كثيرة للجريمة السيبرانية، فالعملات المشفرة هي وسيلة الدفع المفضلة لأخذ الفدية ولا تقل صعوبة تعقبها عن صعوبة تعقب القرصنة. ومع عجز السلطات عن حل القضايا بالسرعة المطلوبة، فإن الضحايا يجدون صعوبة كبيرة اذا قرروا عدم السداد. وأخبر جوزيف بلونت، المدير التنفيذي لشركة كولونيال، الكونغرس أنه قرر دفع بيتكوين قيمتها 4،4 مليون دولار فدية مقابل عودة الأنبوب رقميا بعد مشاهدته «انتشار الجلبة في الأسواق». ينصح مكتب التحقيقات الفدرالي الضحايا بعدم دفع الفدية من أجل تثبيط المجرمين عن استهداف ضحايا آخرين. لكنه يخبر الأهداف سرا تفهمه اذا شعروا بالحاجة لدفع المال. ونجح المكتب في قضية كولونيال باستعادة معظم البيتكوين المدفوع، وهي إشارة مشجعة قد تثني بعض المهاجمين عن ارتكاب هذا العمل، لكن الحقيقة تبقى أن معظم تلك الجرائم تمر بدون عقاب. الأمر الذي يبعث على السخرية في موجة الهجمات الأخيرة هو أن أميركا تتعرض لهجوم من أدوات طورتها وكالة الأمن القومي الأميركية نفسها، ففي 2016 إدعت مجموعة رقمية تدعى «شادو بروكرز» أنها اخترقت مجموعة القرصنة الخاصة بالوكالة، وحصلت على برمجيات استخدمتها أميركا لاستهداف أعدائها.
 
صحيفة الغارديان البريطانية