بكين: أ ف ب
تستعد الصين لإيفاد فريق يضم ثلاثة رواد إلى محطتها الجاري بناؤها في الفضاء، بعد أكثر من أربع سنوات على آخر مركبة مأهولها أرسلتها، في أحدث خطوة من برنامج بكين الطموح لترسيخ مكانتها كقوة فضائية عالمية.
مكانة لبكين
وبينما الأجواء متوترة مع الغرب، يعدُّ نجاح هذه المهمة مسألة مكانة لبكين التي تستعد للاحتفال في الأول من تموز المقبل بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني.
ومن المقرر أنْ ينطلق صاروخ «لونغ مارتش - 2 إف» حاملاً ثلاثة رواد في المركبة الفضائية «شنتشو - 12» من قاعدة في صحراء غوبي في شمال غرب الصين اليوم الخميس.
وسيمضي الرواد ثلاثة أشهر في محطة تيانغونغ، وهي أطول مهمة فضائيَّة مأهولة للصين حتى الآن. ومن بين مهماتهم المتعددة، السير في الفضاء.
وأوضح جوناثان مكدويل وهو عالم فلك في مركز «هارفرد سميثسونيان سنتر فور أستروفيزيكس» في الولايات المتحدة أنَّ «هدف الرواد سيكون تجهيز منزلهم الجديد في الفضاء وجعله جاهزاً للاستخدام».
وأضاف «إنه هدف عملي قبل كل شيء وليس هدفاً ريادياً».
ونقل صاروخ «لونغ مارتش» مع مركبة «شنتشو» إلى منصة الإطلاق في مركز جيوتشيوان لإطلاق الأقمار الاصطناعية الأسبوع الماضي، وفقا لوكالة الفضاء الصينية.
ومن المفترض أنْ تلتحم «شنتشو - 12» بالوحدة الرئيسة من محطة تيانغونغ المسماة تيانخه والتي وضعت في المدار في 29 نيسان. ونقلت مركبة شحن الشهر الماضي وقوداً وطعاماً ومعدات للمهمة المأهولة.
وجرى التخطيط لإرسال 11 مهمة أخرى خلال العام ونصف العام المقبل لاستكمال عملية إنشاء تيانغونغ في المدار والتي تتضمن تركيب ألواح شمسيَّة ووحدتين مخبريتين.
ومن بين هذه المهمات، ثلاث ستنقل رواد فضاء في إطار تناوب الطاقم.
وقال المحلل في موقع «غوتايكونوتس» المتخصص في برنامج الفضاء الصيني تشين لان إنَّ «الحفاظ على المحطة وتشغيلها بسلاسة يتطلب الكثير من العمل التفصيلي والمعقد، كما في محطة الفضاء الدولية خلال أيامها الأولى».
«في الواقع، كان بناء محطة الفضاء الدولية أبطأ بكثير» من المحطة الصينيَّة.
وبمجرد اكتمالها، ستبلغ كتلة تيانغونغ نحو 90 طناً، ومن المتوقع أنْ تعمل لمدة أقلها عشر سنوات، بحسب وكالة الفضاء الصينية.
وستكون أصغر بكثير من محطة الفضاء الدولية ومشابهة لمحطة الفضاء السوفياتية «مير» التي أطلقت في العام 1986 وأخرجت من الخدمة في 2001.
بناء أمة عظيمة
استثمرت الصين مليارات الدولارات على مدى عقود من أجل اللحاق بالقوى الفضائية القائمة مثل الولايات المتحدة وروسيا.
وحتى الآن، تمكّنت من إرسال بشر إلى الفضاء ومسبار إلى القمر، والشهر الماضي، هبط على المريخ روبوت تابع لها، وهو إنجاز فضائي نادر ومهم للغاية.
وتأججت رغبة الصين في إقامة قاعدة بشريَّة خاصة بها في مدار الأرض بفعل الحظر الأميركي على روادها في محطة الفضاء الدوليَّة، وتفصلها الآن أيام قليلة عن وضع أول طاقم على تيانغونغ.
وذكرت وسائل إعلام حكومية في تشرين الأول من العام الماضي، أنَّ رواداً اختيروا للمهمات المأهولة الأربع، لكنَّ المسؤولين كانوا متكتمين بشأن هوياتهم.
وحتى الآن، كان جميع رواد الفضاء الصينيين الأحد عشر طيارين عسكريين.
وسيكون وجود بشري طويل الأمد في الفضاء قفزة مهمة في برنامج الفضاء الصيني.
ووصف الرئيس شي جينبينغ محطة الفضاء الصينية بأنها خطوة رئيسية في «بناء أمة عظيمة للعلوم والتكنولوجيا» بعد إطلاق وحدة تيانخه الأساسية في نيسان.
ومن المقرر أنْ تخرج محطة الفضاء الدولية من الخدمة بعد العام 2024، رغم أن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) قالت إنَّ هذه المحطة التي تشكّل ثمرة تعاون بين الولايات المتحدة وروسيا وكندا وأوروبا واليابان، قد تستمر في عملها إلى ما بعد العام 2028.
وفي حال «تقاعد» محطة الفضاء الدولية، ستكون «تيانغونغ» المحطة الفضائية الوحيدة قيد الخدمة.
وفي حين أن الصين لا تسعى لاستخدامها في تعاون دولي، فإنَّ سلطات الفضاء في البلاد قالت إنها منفتحة على تعاون أجنبي.
علم صيني
وفي سياق ذي صلة أرسل الروبوت الصيني «تشورونغ» صوراً لنفسه من المريخ بوجود علم صيني، مخلّداً بذلك آثاره على الكوكب الأحمر، وهو ما أبرزته باعتزاز وكالة الفضاء في البلد الأكثر تعدادا بالسكان في العالم.
وصوّر الروبوت الذي يشبه الطيور نفسه بجوار منصة هبوطه، باستخدام كاميرا قابلة للفصل، وبدت ألواحه الشمسية أشبه بجناحين.
ونظمت وكالة الفضاء الصينية احتفالاً بمناسبة نشر الصورة الذاتية التي يظهر فيها العلم الصيني في موقع الهبوط على سطح المريخ في جو ضارب إلى الحمرة.
وكان الروبوت وصل إلى الموقع في منتصف ايار بعد رحلة استمرت قرابة عام من الأرض، والتقط أيضا صورة لآثار عجلاته الست في تربة الكوكب الأحمر. ووصفت وكالة الفضاء الأمر بأنه «بصمة الصين» على
المريخ.
ويزن تشورونغ 240 كيلوغراماً، وسيتولى درس بيئة الكوكب وتحليل تكوين صخوره. ومن بين مهام الروبوت إجراء تحليلات للتربة والغلاف الجوي، والتقاط الصور، والمساهمة في رسم خرائط للكوكب الأحمر.