منتخبنا..ماذا بعد؟

الرياضة 2021/06/17
...

علي حنون
 
يقينا، يتواجد بيننا من أعتبر مباراة منتخبنا الأخيرة، أمام نظيره الإيراني، التي جرت ضمن التصفيات القارية المزدوجة، ليست مُجرد استحقاق يجري في ملاعب كرة القدم، وإنما مُنازلة لا ينفع معها سوى الفوز، لذلك ذهب الى تحميلها ثقلا هو أصلا غير مُترجم في قاموس كرة القدم، وأبعدها من خلال رؤيته المنقوصة هذه، عن الاعتبارات الرياضية، التي تحضر فيها حالات الفوز والتعثر والتعادل..واعتمادا على ذلك، لم تتقبل هذه الثلة خسارة منتخبنا بيسر، بعدما اعتقدت أن الدفع باتجاه قبول حالة الانتصار هو أمر لا خيار سواه، خطوة سَتُعبد الطريق أمام الفريق للظفر بالنتيجة.
وبمعزل عن الحسابات الفنية والمُؤشرات، التي سبق وسجلناها على أداء منتخبنا، فان الجميع يتحمل مسؤولية التعثر في مواجهة إيران، ولو بتباين، نتيجة الركون الى قرار التحشيد الإعلامي والجماهيري غير المُتوازن، والذي ترفضه فعاليات وقوانين كرة القدم، لأنه افرغ هذا المفهوم، اللقاء الرياضي، سواء بقصدية او من دونها، من مكنونه كمباراة كرة قدم ووضعها في خانة التباري بحثا عن الانتصار ولا سواه، وحمل الفريق ضغوطات مُضاعفة جعلت لاعبيه يعيشون المسؤولية بإضافات غير فنية طيلة دقائق المواجهة، ووضعتهم في باحة ظلوا يبحثون فيها عن اداء مثالي، لا تعترف فعالية مثل كرة القدم، بشرعيته.
وقد اطر هذا الأمر بتداعياته السلبية أداء لاعبينا بحلقات (التوتر) بعدما ابعد التركيز الذهني عنهم وجعلهم يستنزفون خزينهم البدني دون الاحتكام الى التخطيط وبمنأى عن الركون الى الحسابات الفنية، وهي حال ولد عنها عديد الأخطاء، التي اقترنت بمحاولات تهديفية تصدى لها ببراعة جلال حسن، إلا واحدة وهي تلك، التي سجل منها منتخب إيران هدف الفوز..وكنا نعي خطورة الاستعانة بسلاح (التحشيد) في حال الإفراط به، حيث اشرنا الى ذلك في عديد الكتابات، إلا ان سوء تقدير بعض المنافذ الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي للأمر و(جرفها) لتيار الرأي العام باتجاه غاية واحدة، أوصلنا الى الضفة السلبية لعملية التحشيد.
والى جانب ذلك، فان (الأريحية) الأدائية، التي غابت عن أداء عطاء لاعبينا في هذه المباراة، للأسباب الآنفة، ولدوافع فنية، فان نقاط الوهن، التي رافقت مسيرة منتخبنا في الاستحقاقات الماضية، بقيت حاضرة نتيجة إخفاق الجهاز الفني في ايجاد الحلول الشافية لها، فالضعف المُستدام في خط الدفاع والفشل في التغطية خلال الهجمات المُرتدة المُباغتة، ومُعاناة المهاجم الواحد جراء وقوعه في (فخ) الرقابة الفردية، جعلتنا عرضة للتعثر باستمرار، وبدا أن المدرب لايثق في تغيير هذه الفلسفة، لأنه لم يجد الأدوات، التي تُحفز رؤيته لاعتماد أسلوب خططي مُغاير.
عموما، الغاية الأولى تحققت وهي العبور الى التصفيات الحاسمة، لكنه في ذات الوقت جعل المسؤولية وفق الظهور الأخير، كبيرة جدا، لأننا سنواجه في المحطات القادمة (كبار) القارة الصفراء، ومُنتخباتها، التي تلعب كرة القدم على أصولها وبالتالي فإننا في حال لم نجد جديدا يقفز بواقعنا، فان المُعاناة ستظهر من أول مباراة.