يعقوب يوسف جبر
لكل مجتمع وجهة سير اجتماعية توصله إلى تحقيق غايات متعددة، لكن من هو المؤثر في وجهة السير هذه؟ في المجال السياسي ثمة مراكز قوى يدير شؤونها أشخاص ممن يمارسون الدور الكبير في رسم الحاضر والمستقبل السياسي لهذا المجتمع، فإذا كان هؤلاء مؤهلين لقيادة المجتمع سياسيا، فبلا ادنى شك سينجحون في خلق حاضر ومستقبل متحضرين، لكن متى وكيف سيظهر هؤلاء؟ ومن سيسهم في ابرازهم؟
سيظهر هؤلاء بمباركة ودعم الرأي العام الغالب والساحق؛ بينما إذا كان أفراده من المثقفين ممن يمتلكون رؤية سياسية متزنة وموضوعية، وممن يفضلون المصلحة العامة العليا على مصالحهم الخاصة، حينئذ سيشهد المجتمع نهضة سياسية راقية، وستتطور الفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
فمن الأمثلة الرائعة على هؤلاء؛ رئيسة جمهورية ملاوي جويس باندا - التي شغلت منصب الرئيس بملاوي خلفا لموثاريكا، حيث وضعت بيع الطائرة الفخمة المخصصة للرئيس موثاريكا ضمن أولوياتها في إطار سعيها لإصلاح اقتصاد دولة ملاوي.
فمنذ توليها منصبها خفضت باندا راتبها بنسبة 30 بالمئة وقامت ببيع 35 سيارة مرسيدس يستخدمها أفراد حكومتها، كما طبقت سلسلة من إجراءات
التقشف.
وقامت باندا جاهدةً بعد تمكنها من حكم البلاد، من القضاء على الفساد مما أكسبها قلوب وعقول سكان ملاوي.
إذن عندما يحتل هؤلاء الناجحون هذه المراكز فإنهم سيحققون إنجازات كبيرة على جميع الصعد، خاصة على الصعيد
الاقتصادي.
لكن على الضد من ذلك عندما يتولى شؤون المجتمع والدولة أشخاص غير مؤهلين سياسيا بمباركة الرأي العام الغالب، فبلا أدنى شك انهم لن ينجحوا في تحقيق اية إنجازات على الصعد كافة، بل سوف تدب الفوضى في كل المجالات، ففي أحد التقارير الصحفية المنشور عبر قناة cnbc عام 2016 بين التقرير أن من حكم فنزويلا هو نظام يساري بقيادة الحزب الاشتراكي الموحد منذ العام 2002، قد ترأسه شخصان هما هوغو تشافيز مؤسس الحزب وصديقه نيكولاس مادورو. وبعد 14 عاما كانت المحصلة في هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 31 مليوناً على الشكل التالي: ارتفاع مستوى أسعار المستهلك (التضخم) الى 750 بالمئة، وهبوط في قيمة العملة الى الحد الذي باتت فيه الحكومة في سباق مع الزمن لطبع مزيد من النقود، لمجاراة ارتفاع الأسعار لتسحب معها اقتصاد البلاد الى دوامة كبيرة من التضخم الجامح. ولم تكن تملك الحكومة الأموال الكافية لتغطية تكاليف طبع الاموال.
نخلص الى القول إن المؤثر في هذه المسارات أولئك الذين يصنعون مصير المجتمع والدولة وهم القادة والمتنفذون، وتتخذ هذه الصناعة اما اتجاها إيجابيا أو اتجاها سلبيا، متحولة في نهاية المطاف الى واقع حتمي يشكل جزءا لايتجزأ من مجريات القانون الطبيعي الاجتماعي.