وزراء مالية دول اليورو يفشلون في تنسيق السياسات الضريبيَّة

اقتصادية 2019/02/18
...

بروكسل/ كاظم الحناوي
 
 
الضريبة بتعريفها العام هي مبلغٌ معينٌ من المال، يدفعه المكلفون إلى السلطات العامة بصورة إلزاميَّة ونهائيَّة، دون مقابل مباشر. وذلك من أجل تغطيـة ما يترتب على هذه السلطات القيام به. والضريبة بهذا المعنى على مستوى الاتحاد الأوروبي، تطرح العديد من المسائل على بساط البحث، الأولى تتعلق بوظيفة الضريبة والثانية بالمبادئ أو القواعد التي تقوم عليها والثالثة بكيفية فرض الضريبة.
إذ إنَّ الاستمرار في زيادة العبء الضريبي يعدُّ الطريق السهلة في المدى قصير الأجل ولكن تأثيره في المدى المتوسط وطويل الأجل مكلفٌ للغاية، إذ يؤدي إلى انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات بين الدول حيث المناطق أو الدول الأفضل اقتصادياً.
 
تمرير إصلاحات
لذلك عارض عددٌ من وزراء مالية بعض الدول الصغيرة في الاتحاد الأوروبي خطة تقدمت بها المفوضية الأوروبية للحد من سلطة الحكومات الوطنية في مجال تمرير إصلاحات الاتحاد الأوروبي بشأن المسائل الضريبية، واستمرت الخلافات بين فرنسا وعدد من الدول المؤيدة للحد من صلاحيات الحكومات الوطنية في مجال الضريبة من جهة وبين لكسمبورغ وأيرلندا وهولندا والسويد من جهة أخرى.
وذلك لأنَّ الجبهة المعارضة لفرنسا وألمانيا ومؤيديها حرصت على سن العديد من التشريعات لتضع أمام المستثمر مزايا وإعفاءات مشجعة على الاستثمار، بالإضافة إلى تسهيل جميع إجراءات تحصيل الضريبة إلى أقصى الحدود.
 
الشركات الرقميَّة
وتعدُّ هذه المواجهة مؤشراً على صعوبة التوجه الأوروبي المعلن طوال الفترة القليلة الماضية بفرض ضريبة على الصعيد الأوروبي على الشركات الرقميَّة الكبرى في العالم.
وفى نطاق السعي لجذب الاستثمارات تقوم كل دولة بدراسة الجدوى الاقتصادية للضرائب سواء للمستثمر أو للدولة باعتبار أنَّ تقرير ضريبة ما له جدوى اقتصاديَّة وهي مقدار النفع الاقتصادي للمجتمع من تقرير الضريبة ومدى تأثيرها الجاذب أو الطارد للاستثمار.
 
تشغيل العمالة
إذ إنه عند فرض الضريبة على المستثمر يجب أنْ يتم الأخذ في الاعتبار مدى استفادة الدولة من العائد الاقتصادي على الاستثمار والمتمثل في تشغيل العمالة وتنشيط المجتمع اقتصادياً وزيادة الصادرات للخارج وذلك بهدف تحقيق زيادة في الدخل القومي وتوفير الحماية الاقتصادية الملائمة للصناعات المحلية وتشجيع أو الحد من بعض الصناعات تبعاً للخطة الاقتصادية عن طريق التميز السعري للضريبة بين الأنشطة المختلفة.
وتعرضت الدول الصغيرة مثل لوكسمبورغ والسويد وأيرلندا وقبرص لتهم برفض تنفيذ منهج سلك موحد في مجال الضريبة وبالفشل في تضييق الثغرات التي تسمح بالتهرب من الضرائب بل بغسيل الأموال في بعض الحالات.
ويأتي اعتراض جبهة لفرنسا وألمانيا لأنَّ هذه الدول اتبعت في الوقت الحاضر سياسة ضريبيَّة مشجعة لدفع عجلة الاستثمار واعتبار العائد الاقتصادي لإقامة المشروعات الأكثر جدوى لتشغيل العمالة وخلق فرص عمل جديدة وذلك بزيادة نسبة الإعفاءات وأيضاً إلغاء الضريبة النسبيَّة على رأس المال وكذلك إلغاء ضرائب اخرى.
 
الضرائب الخاصة
وتقول هذه الدول من جانبها إنه من حقها سن قوانين الضرائب الخاصة بها واجتذاب الشركات الأجنبية من خلال تقديم إغراءات ضريبة. وفي محاولة لكسر الجمود اقترحت مفوضية الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي إزالة حق النقض تدريجياً بغية تعديل القواعد الضريبيَّة، ودعت لوكسمبورغ ومالطا وليتوانيا وهولندا والسويد اليوم في بروكسل إلى الحفاظ على حق النقض مما أحبط خطة المفوضية.
وفي اقتراح فرض ضريبة رقمية على نطاق الاتحاد الأوروبي في العام الماضي، قالت المفوضية إن الضريبة كانت ضرورية لاستعادة المنافسة العادلة في التكتل والممارسات النهائية التي تسمح للشركات متعددة الجنسيات الكبيرة مثل غوغل أو فيسبوك أو أمازون بخفض فواتير الضرائب بتحريك أرباحها القارية إلى مستويات
 منخفضة.