الـ {UN} تغلق أبوابها في تركيا وملايين اللاجئين في مهب «الإقامة السياحية»

قضايا عربية ودولية 2019/02/18
...

سام محمود / تركيا   
 
 
لا يزال ملف الهجرة واللجوء يحتل الصدارة في اجندات الدول نظرا لارتباطه بملفات الامن الدولي والاقليمي، فنشوء الحروب والتوتر جعل من خيار الهجرة واقع حال على الساحة الاوروبية، وباتت كل دولة مجبرة على ان تتعامل مع اللاجئين وتحمل اعباءهم كافة، ومن ثم تحديد مصيرهم، وتسلط جريدة «الصباح» على ملف المهاجرين في تركيا، والذين لا يزالون يجهلون محط رحالهم، خاصة بعد مرور سنين على وجودهم على الاراضي التركية، ففي العاشر من أيلول الماضي، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تركيا توقفها عن تسجيل اللاجئين وإجراء المقابلات معهم وتحديد وضعهم بشأن إعادة التوطين، وإحالة الملف الى الجانب التركي وتحديدا في دوائر الهجرة والإقامة.  
قرار المفوضية المفاجئ، الذي اتخذته بناء على التشريعات التركية، جاء أشبه بالكابوس الذي أخذ ينغص ليالي اللاجئين في تركيا، الذين يحلمون بالوصول لـ»دولة الاستقرار».  
في بيان المفوضية جاء «قامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإنهاء عملية التسجيل وتحديد وضع اللاجئ في تركيا في 10  أيلول 2018»، متابعة «حسب القانون الخاص بالأجانب والحماية الدولية، على الأجانب الذين يرغبون في التقدم بطلب للحصول على الحماية الدولية في تركيا التوجه إلى المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة (PDMM) في المدن عند دخول البلاد”.
الآن تحولت كل متعلقات اللاجئين وآمالهم الى يد الجانب التركي، بعد أن كانت ملفاتهم بيد منظمة دولية، “الصباح” تحرت عن الأمر ووصلت لدائرة الهجرة في إحدى مدن تركيا لتستكشف الأمر 
والإجراءات الجديدة. 
في دائرة الإقامة بمدينة طرابزون التركية، شمال شرقي تركيا، دخل عراقي يحمل ورقة الحماية الدولية التي منحتها له المفوضية السامية، مستفسرا عن الإجراءات الجديدة وموعد مقابلته، وكان مراسل “الصباح” برفقته. وبعد إبراز الورقة لموظفة في الدائرة، أكدت أن ملفات اللجوء تحولت لهم وخرج الأمر من (UN)، وهم الآن مسؤولون عن إجراء المقابلات، وبعد سؤالها عن موعد المقابلة وإن كان ذاته الذي حددته (اليو أن) له، أبلغته الموظفة بأن عليه أن ينتظر اتصالا من الدائرة ولا يمكنها أن تعطيه أي موعد. بهذه المعلومات البسيطة خرج المواطن العراقي وهو يجر أذيال الخيبة، حائرا لا يعلم ما الخطوة المقبلة التي تنتظره في تركيا، فهو وعائلته كانوا يعيشون على أمل الخروج من تركيا والوصول لأي بلد أوروبي يضمن لهم الرعاية الصحية والمدارس والرواتب ليؤسسون حياتهم بصورة طبيعية، وتكون هذه الدولة هي مستقرهم الأخير، لكن ما جرى الآن زاد من معاناتهم لأن بقاءهم في “دولة الانتظار” سيطول، خاصة مع انعدام فرص العمل.
 
الرد على أسئلة اللاجئين
أبو محمد، لاجئ عراقي في تركيا، بعد أن تلقى هذا الخبر وطالعه في موقع المفوضية، سارع الى الاتصال بالرقم المخصص لأسئلة اللاجئين في المفوضية، وبعد ثلاثة أيام من المحاولات تم الرد على اتصاله، وعند استفساره من الموظف، أجابه بأن الأمر تحول الى الجانب التركي وأن المفوضية لا علاقة لها بملفات اللاجئين وإجراء المقابلات، وعند سؤاله الموظف عن مصير القبول والرفض وماذا يترتب على هذه القرارات، أجابه الموظف “ لا نعرف الآلية لغاية الآن”.
لم ييأس أبو محمد، بل توجه لمكتب “آسام” في مدينته، والمكتب يعود لمنظمة شريكة للأمم المتحدة بدعم اللاجئين من نواحي الإعانة والدورات التدريبية التي تشمل المهن ودورات اللغة، لكنه صُدم أيضا.
فبعد مراجعته مكتب آسام تم الرد عليه بـ”كل الخدمات متوقفة”، لغاية الآن لم يدرك أبو محمد ما يجري وما القرارات التي تم اتخاذها من قبل {UN} أو السلطات التركية، وبقي الأمر ضبابيا جدا ولا يعلم ما فحوى المقابلة التي سيجريها في دائرة الإقامة وهل سيتم قبول ملفه كلاجئ أم سيرفض.
 
الحقيقة الصادمة
هذه الألغاز جاءت إجابتها النهائية من قبل المحلل السياسي مصطفى جليل، إذ قال في تصريح خاص لـ”الصباح”: إن “قرار غلق مكتب اليو أن، هو قرار مشترك مع الجانب الأوروبي والأميركي، وجاء ضمن اتفاقية اللاجئين الدولية، حيث تم على أساسه تحويل ملف اللاجئين للسلطات التركية، وهي باتت المسؤولة عن مقابلتهم”.
جليل عد القرار “مخيبا للآمال”، موضحا أن “السلطات التركية الآن باتت تخير اللاجئ بتحويل إقامته الى سياحية”.
يشار إلى أن مقدم طلب اللجوء لـ”UN”، كان يحصل على إقامة “ UN” خاصة تحدد حركته داخل تركيا، وعليه أن يبقى داخل مدينة واحدة تحدد له أثناء تقديمه وليس من حقه العمل وعليه أن “يبصم” كل أسبوعين في دائرة الإقامة ليثبت وجوده في مدينته.
وتابع جليل أن “السلطات التركية اليوم تحاول تصفية اللاجئين وترتيب أوضاعهم داخل أراضيها، أما بالنسبة لموضوع الهجرة أو الوصول لأي دولة أوروبية فهذا الخيار بات شبه مستحيل، باستثناء حالات خاصة جدا”.
وبين أن “قرار UN جاء نتيجة غلق باب اللجوء من قبل الدول الغربية، وبالمقابل هناك الملايين من مقدمي طلبات اللجوء في تركيا، فبات من الصعب التعامل مع هذا الكم الهائل من طلبات اللجوء”.
ولفت إلى أن “السلطات التركية الآن شددت من إجراءات حركة مقدمي طلبات اللجوء والبصمة الخاصة بهم، وهناك الكثير من اللاجئين العراقيين يرغبون الآن بتحويل إقامتهم الى سياحية للتخلص من الضوابط المفروضة عليهم بسبب إقامة “ UN” ، خاصة بعد هذا القرار الأخير».
 
قمة «عربية  اوروبية»
وفي سياق الحديث عن ملف الامن والهجرة وتداعياتها تعقد يوم الاحد المقبل قمة «عربية – اوروبية» بمبادرة مصرية، تعد الأولى بين الجانبين العربي والأوروبي، والمقرر عقدها في منتجع شرم الشيخ، وتضم دول الأعضاء في كل من جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.  
وذكر بيان للاتحاد الأوروبي أن القمة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي ستجمع «لأول مرة» رؤساء دول وحكومات من كلا الجانبين.
وأضاف أن دونالد توسك وجون كلود يونكر رئيس المفوضية الاوروبية سوف يمثلان رسميا الاتحاد الأوروبي خلال القمة. 
وأكد الاتحاد الأوروبي أن القمة تهدف إلى تعزيز العلاقات العربية الأوروبية، حيث سيتم خلالها التركيز على عدد من القضايا والتحديات المشتركة ومن أهمها التعددية، التجارة والاستثمار، الهجرة، الأمن بالاضافة إلى الوضع في المنطقة. 
ومن المقرر أن تنطلق أعمال القمة مساء الأحد المقبل بجلسة افتتاحية تعقبها جلسة مفتوحة على أن تتواصل الجلسات في اليوم التالي، ويعقد مؤتمر صحفي في ختام الأعمال.
 
التحضيرات المصرية
من جانبه، أعلن مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأوروبية، عمرو رمضان، أن أكثر من 40 رئيس سلطة تنفيذية سيشاركون في القمة العربية – الأوروبية. 
وقال رمضان، في تصريح صحفي: إن «المشاركة الأوروبية ستكون على أعلى مستوى وتشمل رؤساء جمهوريات ووزراء في أنظمة برلمانية لـ20 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي على رأسهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الروماني الذي يتولى رئاسة الاتحاد حاليا». وأوضح أن ثلاث دول فقط ستمثل على مستوى وزاري، نظرا للتطورات الداخلية فيها، مؤكدا مشاركته  إلى جانب دونالد توسك وجون كلود يونكر - فيدريكا موجريني الممثلة الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية نائب رئيس المفوضية الأوروبية والعديد من زعماء الدول الأوروبية الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي.
وقال المسؤول المصري: إن “القمة تعقد تحت شعار -الاستثمار في الاستقرار- وتركز على أهم التحديات التي تواجه الجانبين العربي والأوروبي وكيفية تحقيق الاستقرار في المنطقة، ومخاطر الإرهاب، وعملية السلام في الشرق الأوسط». وأضاف: “ستناقش القمة أيضا، موضوعات الهجرة غير الشرعية، وتدفق اللاجئين إلى داخل أوروبا”، مشددا على أن التحضيرات تجري على قدم 
وساق.