الطلاق خدش في جسم المجتمع

الباب المفتوح 2021/06/23
...

نجم الشيخ داغر 
 
يبدو أن الحالة الاقتصادية للمواطنين على طرفي نقيضها من حيث الارتفاع والهبوط، تشكل عاملا مؤثرا في معدلات الطلاق المتزايدة التي ربما وصلت الى ارقام قياسية لم تشهدها البلاد من قبل.
فما بين رجل يثرى سريعا بمختلف الاسباب، (وما أكثر أثرياء السرعة لدينا الآن)، وبين آخر يتهاوى تحت ضربات الفقر وسندان احتياجات الزوجة، يعمد الاول الى تغيير زوجته، ربما بأجمل منها او أكثر لياقة بوضعه الجديد، فيما يلجأ الثاني للطلاق انهزاما وهروبا من التزام مادي يرى انه غير قادر عليه.
وفي الحالتين تدفع الزوجة واولادها الثمن الباهض، ومن ثم خراب ما وصفه النبي الاعظم (ص) بأنه أحب بناء الى الله بعد الاسلام .
لا نختصر اسباب الطلاق المتزايد بهذا السبب فقط، وانما هناك علل كثيرة تقف وراءه، ربما تأتي في المرتبة الاولى منها قضية الزواج المبكر الذي تعمد اليه الاسر في الارياف غالبا، وفي المدن ايضا في الآونة الأخيرة، كما هو ملاحظ، وربما الجهل وعدم التعلم يتسبب ايضا في حدوث حالات كثيرة كما في قصص الطلاق التي نسمعها كثيرا .
ولكن ما دخل على الخط في زمننا المنظور وبات يشكل عاملا خطيرا لحدوث حالات الطلاق، هو الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
اذ توفر شبكة النت مساحة واسعة للتعرف بأشخاص كثر قد يشكلون خطرا على النساء، خاصة الساذجات منهن والتي لا تهتدي للتمييز بين ما يضرها وينفعها، والامر نفسه بالنسبة للرجال، لما تتسبب به مواقع التواصل الاجتماعي من ارتفاع معدلات الغيرة النسائية بالنسبة للزوجات، ومن ثم وصول الامر الى الطلاق .
نعم قد لا يكون للطلاق وجهه القبيح دائما، لأنه في حالات كثيرة يصبح بمثابة طود نجاة لنساء كثيرات، تخلصن عبره من قبضة رجال لم يقدروا نعمة هذا الكيان او الرباط المقدس، والامر صحيح بالنسبة للرجال ايضا، ولكن يجب ان يكون هو آخر الحلول، اي بمثابة العملية الجراحية بالنسبة للمريض، اذ المسألة لا تكون في كل الحالات بين زوج وزوجة وانما هنالك اولاد في وسط هذا الاعصار .
نحن كمسلمين لدينا احاديث كثيرة تحث الرجل على تحمل سوء خلق زوجته، ان كانت مفاسد الطلاق اكثر من فوائده، والامر كذلك للزوجة، حفاظا على كيان الأسرة وتوفير بيئة صحية لتربية صالحة لاولاد قد يكونون مؤثرين في المجتمع بشكل ايجابي، او العكس لا سمح الله إن قاموا بهدم هذا الكيان او حافظوا عليه ولكن جعلوه بيئة مسمومة نتيجة كثرة الخلافات والمشكلات .
من هنا على المرء العاقل التعامل بروية وحكمة في هذا الامر لكون الاسرة هي اللبنة الرئيسة لبناء مجتمع صحي او مريض.
وتبقى الحالات النفسية للمطلقين تتراوح ما بين مد وجزر، كحالتي هذين الشاعرين .
الاول يعبر عن ندمه الشديد بقوله  :
ندمتُ ندامةَ الكسعيِّ لما … غدتْ منِّي مطلقةً نوارُ
وكانتْ جنتي فخرجتُ منها… كآدمَ حين أخرجهُ الضرارُ
والاخر يعلن فرحته بالطلاق ويقول :
ما أنتِ بالجنةِ الولودِ ولا … عندكِ خيرٌ يرجى لملتمسِ
لليلتي حين بتِّ طالقةً … ألذُّ عندي من ليلةِ العُرُسِ