حامد كعيد الجبوري
أسست مدينة الحلة على أرض الجامعين التي كان لها سبق ووجود قبل تأسيس المدينة، وبمرور الزمن توحد الاسمان أي الجامعان والحلة بعد تأسيسها عام 495 هـ. والجامعان هي مثنى كلمة جامع وإنَّ أصل الجامعين كان جامعاً واحداً ثم بني الآخر وهما جامع مقام الإمام جعفر الصادق وجامع القائد عبد العزيز، وقيل سميت بهذا الاسم لأنها كانت تجمع شتى أنواع العلوم والآداب، لذا انتقل إليها الناس من كل حدبٍ وصوب وفيها كانت البدايات الأولى لتأسيس الحلة.
في الحلة عشر محلات سبع منها في الجانب الكبير (الغربي) وهي الجامعين، الطاق، جبران المهدية، الجباويين، التعيس، الكراد. أما محلات الجانب الصغير (الشرقي) الثلاث فهي الوردية، الكلج، وكريطعة.
محلة الجامعين
هي المحلة الأولى ثم تلتها المحلات الأخرى، وقد وصفها ياقوت الحموي بأنها (كانت أجمة تأوي اليها السباع) وبعد نزول صدقة المزيدي بأهله وعساكره فيها نشأت المدينة. وفي هذه المحلة الكثير من المراقد وأماكن العبادة وكانت تلقى فيها دروس الفقه والفلسفة، فهي مستقر لنوابغ كثيرين. كما احتضنت العديد من مراكز العلم التابعة للحوزة العلميَّة منها مدرسة يحيى بن سعيد الهذلي والمدرسة الزينبية ومدرسة الشيخ عبد السميع الأسدي والمدرسة النبوية. وشهدت الحلة افتتاح أول شارع بعرض ستة أمتار وسمي (الجادة) وهو حلقة الوصل بين بغداد والمدن الجنوبيَّة. وقد سكنت في المحلة أسرة ذات تأثير اجتماعي منها السادة القزاونة، والسادة آل وتوت والسادة آل حيدر الحلي وآل علوش وآل عوض وآل جاعد أغا وغيرهم.
محلة الطاق
تقع هذه المحلة على ضفاف شط الحلة ومن الصعب التفريق بينها وبين الجامعين فبيوتها متداخلة لكن ما يفصل بينهما هو زقاق بيت الشلاه. إنَّ سبب التسمية يعود الى العهد العثماني ففيها ايوان على هيئة طاق معقود من الطابوق يربط بين دارين لأسرتين بينهما صلة قرابة. ومن أشهر أسرها آل القزويني وآل وتوت وآل الشلاه وآل مرعب وآل السيد حيدر الحلي والسادة آل عزام وآل بو خمرة، وفيها من الأزقة عكد آل الشلاه، عكد الوتاوتة، عكد القزاونة، عكد الحمّام عكد السكيفة. وفيها العديد من المساجد وتضم العديد من أضرحة وقبور أهل الدين والعلم والأدب، وهناك حمامان باسم آل وتوت أحدهما للرجال والآخر للنساء وقد اندرسا اليوم.
محلة جبران
وتبدأ من جسر الهنود (جسر سعد) حتى سوق الحطابات وتشمل منطقة السنية والحشاشة والجانب الأيسر من سوق الحلة الكبير وفيها العديد من العكود منها عكد المفتي، بنات الحسن، الكصاصير، الجياييل، بقلي، الجللجية، الخرابة، الريّس. واشتهرت بأسواقها مثل سوق الصفارين، النجارين، الهرج، الجللجية، الحطابات، الحداحدة، الغزل، العلاوي، الجبل.. وفيها العديد من المسابك التي تصنع الدبس والراشي والخل والحلاوة وغيرها.
محلة المهديّة
وهي من محلات الحلة العريقة وتبدأ حدودها من مسجد القطانة في السوق الكبير الى عكد الطويل ويمر بالتابية حتى عكد التبانة الذي يفصل بين محلتي المهدية والجباويين.
وكانت المحلة قديماً تسمى (الجيّة). وفي هذه المحلة عددٌ من الأزقة منها عكد التابية، الكروية، العجم، حمادي الحسن، ليلة، الخراطية،
آل شبيب.
محلة الجباويين
وهي محلة قديمة سميت بهذا الاسم نسبة الى منطقة (جبة) وهي جزيرة في نهر الفرات قرب الرمادي وكان اهلها يجلبون النورة الى الحلة بواسطة السفن وقد فضل بعضهم السكن في الحلة وتكاثر عددهم وصارت المنطقة تسمى باسمهم. تقع المحلة بين محلتي المهدية والتعيس وتبدأ حدودها من عكد الطويل يسار مرقد العلامة ابن نما مروراً بشارع المحقق أبي القاسم ويفصل شارع الري
بينهما. وتضم المحلة عدداً من الأزقة منها عكد أبي الفضائل، الطمة، آل حنن، اليهود، شندل. وفي المحلة حمام الحسين للرجال وفيها عدد من المراقد والمساجد منها مرقد ابو القاسم وقبر الفقيه الدمستاني البحراني ومسجد آل الطحان، والإمام الصادق، والسكوتي وبناية التوراة القديمة لليهود وفيها عدد من الأسواق منها سوق الهندي، الخلال، الدجاج، القصابين، الصياغ، بيت عوض، القماش.
محلة الأكراد
قال ابن بطوطة في وصفه للحلة عند مروره بها سنة 727 هـ (أهل المدينة طائفتان إحداهما تعرف بالأكراد والأخرى الجامعين) وسبب تسميتها هو أن أول من سكنها افراد من قبيلة (جاوان) الكردية الذين استعان بهم الأمير صدقة واستقروا في هذه المنطقة.
محلة التعيس
من المحلات القديمة ويفصلها عن محلة الجباويين (عكد اليهود) أما التسمية فيرى البعض انها من التعس وهو المكان المرتفع وبالعامية (الطعس). وفي المحلة عدد من الأزقة منها عكد الباشا، عكد بيت ابو جزمة، بيت بشارة، القرج. وفيها مجموعة من المساجد مثل مسجد الشوك، حساني العذاري ومسجد ابو الطين والمصلوخي والسيد حمود.
محلة كريطعة
وتقع مقابل محلة الجامعين يفصل عنها شط الحلة وقد جاء اسمها نسبة لقائد انكليزي اسمه (كريت) قاد معركة في هذه المنطقة ضد الأهالي، الذين انتصروا عليه وقالت الناس ان (كريت عيّة) أي انهزم واصابه الأعياء ثم حورت الكلمة الى كريطعة. اغلبية سكان هذه المحلة من الفلاحين البسطاء وملاكي البساتين وبيوتاتها اغلبهم من البيرمانيين والويساويين وخفاجة والبو طيف. ويمتد شط الحلة بمحاذاة الشارع الذي يؤدي الى الهاشمية، وعلى النهر كان هناك قصر الميجر الانكليزي بجانب مدرسة الفيحاء، وبيوت اهل المحلة منها بيت اسطة جابر وأنور الجوهر والبيكات وفيها مقهى شعبي على النهر (مقهى علي الكرّيم). وهناك زورق لعبور الناس الى الضفة الأخرى من النهر.
محلة الكلج
من محلات الجانب الصغير وحدودها من الجسر القديم حتى منطقة النزيزة وهي تفصل بين محلتي كريطعة والوردية. واصل التسمية يعود الى قائد عثماني اسمه (قليج باشا) نزل بجيشه في هذه المنطقة، وكانت المحلة محطة للسفن التي تحمل الحبوب والحطب، ويجرها العمال بالحبال حين تسير عكس مجرى النهر وسكان المحلة عبارة عن خليط من سكان نازحين من مدن اخرى طلبا للرزق، ويسكن فيها عرب وأكراد فيلية وتركمان ويهود وطوائف اخرى. ومن اشهر ازقتها عكد الأصفر، البوس، العكام، البوابة، النهر،
والطمة.
محلة الورديَّة
وهذه المحلة أنشئت في فترة متأخرة من تأسيس المدينة، وسكانها من اصول عربية يمتهنون الأعمال الحرة والزراعة في البساتين، اما اصل التسمية فجاءت لكون المنطقة كانت موردا لشرب
الماء. ويقال انها جاءت من كونها كانت تحوي حدائق يكثر فيها الورد. ومن ازقتها: عكد الشيخ، السرحة، حسان، هجول، العلاق، الجيلاوي، البيات، البكات، العلوية، الخضر، بشبوش، الشوك، بنيان. وكانت دورها واسعة تطل على النهر وذات اكشاك وشناشيل معمولة من الخشب ومنها دار سلمان
البراك.