{الضمانُ الصحيّ} قانونٌ لخدمةِ جميعِ شرائحِ المجتمع
ريبورتاج
2019/02/19
+A
-A
بغداد / رلى واثق
التأمين أو الضمان الصحي هو أحد أنواع التأمين ضد مخاطر الظروف الصحية لدى الفرد، ويشمل تكاليف فحصه وتشخيصه وعلاجه، ودعمه النفسي والجسدي، وهو إحدى الطرق لايصال الرعاية الصحية للأفراد والمجموعات
وتقوم فكرة التأمين الصحي على أساس جمع الاموال اللازمة لعلاج الامراض التي تصيب الافراد والجماعات وتقسيمها بين الافراد بشكل متساوٍ حسب حاجتهم للعلاج ما يؤدي الى تخفيف الاعباء والتكاليف عندما يقل العلاج للحالات المرضية المؤمن عليها، الامر الذي يضمن وصول الرعاية الصحية لجميع محتاجيها مقابل مبلغ يسير من المال وثابت يدفعهجميع الأفراد المشتركين بالتأمين، هذا وان اول وثيقة تأمين صحي على مستوى العالم صدرت في المانيا عام 1883م، في حين ان شبيهتها صدرت لاول مرة في العالم العربي عام 1957م
في مصر.
خدمات طبية
عضو المركز العراقي للتنمية الصحية الدكتور احمد الرديني بين أن"قانون الضمان الصحي في حال اقراره من شأنه خدمة المرضى، بالاضافة الى دعم الحاجة الطبية ضمن مستويات جيدة مع توفير شروطها بإنتاج السيولة النقدية عن طريق فرض الضرائب، وعلى اية حال فإن قانون الضمان الصحي يهدف الى تأمين الخدمات الطبية المتميزة ضمن تكلفة مالية بسيطة للمواطن". وأضافأنه"كان لقانون الضمان الصحي في الوزارة السابقة للدكتور صالح الحسناوياختلافات كبيرة، تتعلق بتفسير القانون وآليات تنفيذه، وفي واقع الامر ان كل مايجري حاليا من مباحثات ودراسات لتحسين نوعية الخدمات الطبية بتوفير الدعم المادي لوزارة الصحة عن طريق فرض الضرائب خدمة
للصالح العام". ويتطلع الرديني الى"ان لايكون القانون تشريعافقط وانما ارضية خصبة لتنفيذه، فالقانون لايحتاج الى تشريع فحسب وانما الى آليات لابد من تفعيلها للبدء بتنفيذ المشروع".
نظام صحي جديد
المتحدث الرسمي باسموزارة الصحة الدكتور سيف البدر أكد أن" التأمين او الضمان الصحي من اولويات وزارة الصحة والبيئة، فالوزير علاء الدين العلوان يتابع هذا القانون بشكل يومي وضمن اجتماعات دورية بالاستعانةبخبرات من داخل البلد وخارجه، على امل الانتهاء من مسودة القانون خلال الاشهر القليلة المقبلة لتحقيق العدالة لجميع فئات الشعب مع ضمان حقوق النسبة الكبيرة ممن هم دون خط الفقر في الجوانب الصحية".
وتابع البدر"ان قانون الضمان الصحي هو الحجر الاساس لاي نظام صحي ناجح، ولذلك نراه من اولويات وزارة الصحة، متأملا ان يرى النور ويحقق الاهداف التي سعت لها الوزارة خدمة للمواطنين".
وتطرق البدر الى أن" قانون الضمان الصحي لم يصل الى مرحلة التشريع في الدورة السابقة، اذ حاول الوزير السابق صالح الحسناوي ذلك، ولكن لم ير النور، الا ان الحاجة الملحة والضرورية لاعادة النظر في جميع النظام الصحي فرض اقرار قانون الضمان الصحي وبشكل عادل وعلمي مدروس يناسب طبيعة المجتمع العراقي والمشاكل الصحية التي يعانون منها".
آراء وملاحظات
رئيس لجنة الصحة في مجلس محافظة بغداد ناهدة التميمي أوضحت أن"هناك مشروعين لقانون الضمان الصحي قد طرحا، الاول من لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب بعد ان تبناه خلال الدورة البرلمانية السابقة عضو اللجنة ووزير الصحة الاسبق الدكتور صالح الحسناوي وضم الكثير من البنود التي تصب في مصلحة المواطن، اما الثاني، فقدمته وزارة الصحة وحصلت اجتماعات وتنسيق مشترك بين اللجنة والوزارة الا ان المشروع تعثر واعيد الى الوزارة ولم ير النور لغاية الان".
التميمي أعربتعن املهابأن" تتبنى لجنة الصحة والبيئة هذا المشروع وتقديمه بعد مناقشته وتمحيصه ليضمن حقوق الكثير من المواطنين الذين هم بحاجة الى تشريع مثل هذا القانون".
المشروع قانونيا
وانتقد الخبير القانوني محمد جمعة مشروع قانون الضمان الصحي بقوله: إنه"لايمكن ان يحقق المأمول منه في حال بقائه على حالته هذه، اذ ان المادة 30 من الدستور الزمت الحكومة والبرلمان بتشريع قانون للضمان الصحي عندما نصت على (وجوب الرعاية الصحية والضمان الصحي للعراقيين)،الا اننا لم نجد شيئا تحقق من ذلك منذ 2005 وحتى الان". وأضاف جمعة أن"مشروع القانون الذي يناقش في اروقة مجلس النواب لم يصل الى مستوى الضمان الصحي المرجو لكل مواطن عراقي،بل ركزت اغلب مواده على تشكيل جسم جديد داخل وزارة الصحة والمسمى بـ(المجلس الاعلى للضمان الصحي) وناقش من هو رئيسه ونائبه واعضاؤه،ولم يتطرق الى تفاصيل عن الضمان وشركات ووثائق التأمين". وأكد جمعة أن" هنالك خطأ جوهريا في هذا القانون، اذ يحتاج هذا المجلس الى تبعات مالية كبيرة تخصص لاعضاء المجلس فهل تتحمل موازنة هذا العام والاعوام المقبلة ذلك؟،في حين يمكن لاي قسم او دائرة ان تتولى هذا الموضوع من دون تحمل اي تكاليف مالية واعباء اخرى، هذا وان مشروع القانون يجب ان يركز على كيفية تقديم الخدمة الصحية بجودة عالية وليس التركيز على ادارات جديدة تثقل كاهل الموازنة من دون داعٍ لذلك".
مؤيد ومعارض
الخبير الاقتصادي فراس زوين يرى أن"قانون الضمان الصحي واحد من المحاولات الحكومية للتغلب على اوجه القصور والفوضى التي اصابت النظام الصحي السائد في العراق،والذي لايزال شحيح الخدمات بالرغم من ازدياد اعداد مستشفيات القطاع العام والخاص وارتفاع تكاليفها،لكن من دون ان تشكل بديلاً عن السفر الى الخارج لتلقي العلاج الامثل للكثيرين، وقد اختلف العديد من الاقتصاديين واصحاب القرار السياسي والصحي ما بين مؤيد ورافض لهذا القانون والتوجه".
ويسترسل زوين الى أن"المؤيدين يرون أن هذا القانون يعمل على تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين الافراد، عن طريق مشاركة المواطن في كلفة الخدمات الصحية والتعاون بين الافراد لتحمل ما يعجز عن تحمله احدهم بمفـــرده، والذي قد ينتج عن فقر البعض او عدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج، وبذلك فإن الاشخاص الاصحاء الذين لا يعانون من المرض يغطون تكاليف علاج الاشخاص المرضى، ومن جهة اخرى فإن قانون الضمان الصحي يهدف الى التخفيف عن كاهل الدولة عن طريق توفير اكثر من مصدر لتمويل القطاع الصحي وتطويره وفك ارتباطه بالتمويل عن طريق الايرادات النفطية، والتي لم تعد كافية لتغطية جميع قطاعات الدولة، وذلك بإدخال مصادر جديدة لتمويل القطاع الصحي مثل المواطن نفسه وهو المستفيد الاول من هذه الخدمات، بالاضافة الى المؤسسات وشركات القطاع الخاص التي تدفع جزءا من تكاليف تأمين موظفيها الصحي والمنظمات الدولية او من خلال الهبات والمنح التي قد تكون من الافراد او المؤسسات او الدول، مع الاخذ بالاعتبار الفوائد المترتبة عن تنشيط القطاع الخاص متمثلا بشركات التأمين المعتمدة في دعم وتنشيط القطاع
الصحي" . ويتابع "ان الرافضين لهذا القانون يرون بأنه لايزال مبكراً في العراق، وخاصة في ضوء الازمات الامنية المتتالية وضيق سبل العيش للكثير من الاسر، وانتشار البطالة في المجتمع، واستمرار تخلف الواقع الصحي والاجتماعي في العديد من المحافظات، لذا فإن اضافة مبلغ مالي على المواطن والغاء مجانية الرعاية الصحية او ما تبقى منها قد يكون من المبكر العمل به في هذا الوقت، اذا اخذنا بالاعتبار غياب الشفافية وتفشي الفساد المالي والاداري في الدوائر الحكومية، مع تراجع مستويات الخدمة العامة قد يدفع بالقطاع الخاص وشركات التأمين الى السيطرة على القطاع الصحي عن طريق التعاقد مع الحكومة لتحقيق اكبر قدر من الارباح والتحكم بالمواطن مما يجعله عرضة للابتزاز من قبل هذه المؤسسات، مع افتقار المؤسسات العراقية لوسائل احصائية دقيقة وشفافة يجعل من الصعوبة تشخيص الفئات السكانية ذات الدخل المنخفض والتي تقع على عاتق الدولة مساعدتهم في دفع التزاماتهم المالية لتغطية الخدمات الصحية الاساسية". ويوضح زوين أنه"لضمان نجاح تطبيق هذا القانون لابد من تنفيذه على ارض الواقع تدريجياً في احدى المحافظات ذات التعداد السكاني الاقل لمعرفة صعوبات ومعوقات التطبيق، ومدى فاعليته وملاءمته للواقع الاجتماعي والاقتصادي، ومن ثم ايجاد الحلول المناسبة لهذه المعوقات، مع دراسة التجارب العالمية في هذا المجال كنظامي التأمين البريطاني والامريكي والنظر الى تجربة العديد من الدول القريبة من الواقع العراقي كقانون التأمين الصحي في مصر لعام 2017 والذي اعتمد على الانموذج البريطاني".