د.عبد الواحد مشعل
تحكم عقلية الإنسان في المجتمعات التقليدية أحادية الحكم على الأمور لا يستطيع الخروج منها، لذا يكون التعصب والانحياز مؤشرا خطيرا في علاقاته الاجتماعية، إذ يكون من الصعب الخروج عن قواعد السياق الثقافي الذي يحكم تلك العلاقات، ولكن عندما تبرز على الساحة الاجتماعية اهتمامات اكبر، وتتم بإرادة الإنسان ووعيه، يصبح من الممكن تكوين حياة اجتماعية منتجة وايجابية، تتسع فيها مساحة عقل الإنسان الإنسانية، مستفيدا من برامج تعد بهدف صهر الثقافات الفرعية في سياق ثقافي جديد على وفق وعي الانسان وادراكه أهمية الحياة، وقيمها الانسانية، ما يفتح بابا للحوار في المسائل المختلف عليها ما يعطي لأبناء المجتمع حيزا من التفكير الأوسع، الا هو الوطن أو الانتماء الوطني بدلا من الولاء للعشيرة والتعصب لها، ما سيتيح أمام الإنسان فرص الاطلاع على تجارب إقليمه وعالمية تمكنه من إيجاد الوسائل الفاعلة في بناء السلام وتحويل الصراع الى عنصر ايجابي، كما حصل في التجربة الرواندية التي تمكن الإنسان فيها من تحقيق بناء السلام وتحويل الصراع من دائرته الضيقة الى دائرة أوسع مكنته هناك من العيش بسلام من جديد على وفق قيم مجتمعية قابلة للتطوير من خلال إعطاء الجانب الإنساني غطاء أوسع ودعما اشمل، ما يعزز ويقدر قيم إنسانية تقدر الإنسان، وتحترم كرامته وتمنحه الثقة بنفسه وبمجتمعه العام، فالمجتمع العراقي اليوم بحاجة ماسة الى بناء سلام قائم على أسس وطنية مدنية تتمتع بقيم العدالة والإنسانية.
إن عملية بناء السلام في المجتمع تحتاج الى إرادة حكومية ومجتمعية على احد سواء، ووهو كفيل بتحول الصراع من صورته السلبية الى صورته الايجابية القائمة على التنافس من اجل تطوير الإنسان والمجتمع في بيئاته المختلفة، وجعل معيار النزاهة والعدالة حكما في ذلك، لذا فان بناء السلام يحتاج الى استعداد نفسي واجتماعي، ورغبة صادقة في بناء سلام متكامل، وتحول الصراع الى ثقافة قائمة على التسابق في بناء المجتمع بتطور بنيوي صناعي سيؤدي الى تغير بنيوي ثقافي يخرج الإنسان من تفكيره المحلي الى مجال رحب، يمكنه من تحقيق معدلات عالية من الإنتاج والاكتفاء الذاتي من الغذاء والسلع المختلفة، هذا إذا ما توفرت الإرادة السياسية والمجتمعيه في تحقيق
ذلك.