لنسترجع روح ثورة العشرين

آراء 2021/07/03
...

  صالح لفتة
 
ليس من الغريب أن تنجح ثورة العشرين لأنها ببساطة كانت ثورة جميع العراقيين من جميع الطوائف والأديان شاركت بها المستويات الثقافية والخلفيات العرقية والدينية والثقافية كافة، شيخ العشيرة والفلاح والافندي ورجل الدين من الجنوب والشمال والوسط، السياسيون والمستقلون والضباط والمتعلمون والأميون.
بعد أكثر من مئة عام ونحن نستذكر تضحيات من فجروها وثبتوا، لحين أنجزت أهم أهدافها نحن بحاجة لاستخلاص العبر والدروس من تلك الملحمة البطولية، التي تفردت عن جميع الثورات والانتفاضات التي جاءت بعدها. كم نحتاج تلك الروح الوطنية وروح التكاتف؟.
كم نحتاج تلك التنشئة على حب الوطن واحترام قرارات الآخرين والتسامح وما للآباء في ذلك الزمان من اختلاف الآراء السياسية وتباين المصالح الذاتية إلا أن الوطن كان يوحدهم.
ثورة العشرين جعلت العراق اولاً وانطلقت لهدف اسمى حتى عندما اختير الملك اختير على أساس مصلحة الوطن ولم يكن لسبب آخر.
انها الثورة الوحيدة التي يجب أن تسمى بثورة، ليس انتقاصاً من الثورات والانتفاضات وتضحيات العراقيين بعدها، لكنها كانت الأكثر اخلاصاً للوطن دون مصالح فردية الثورة الموحدة للشعب ثورة لامست الروح الوطنية دون اختلاف وتفرقة.
إنَّ ثورة العشرين انطلقت في زمن كان يمكن فيه التغيير بالانتفاضة والتظاهر وضرب المحتل، انتصرت لانها استخدمت الطرق المناسبة للتغيير في حينه وتحقيق نتائج على الأرض. الآن العراق لديه دستور وحكومة وبرلمان ولا يمكن إحداث ثورة شبيهة بتلك الاساليب، لكن الثورة يمكن أن تنطلق بسياقات أخرى وبتكتيك مختلف.
التغيير للأفضل يمكن أن يحدث بسهولة والثورة الحقيقية يمكن أن تتكرر إذا توحد جميع العراقيين مرة اخرى ووضعوا العراق ومصلحة العراق نصب أعينهم لا تغريهم الأموال ولا يختارون على اساس المنفعة الشخصية او الفئوية. يتركون دعوات المقاطعة جانباً فهذا ما يريده السراق. يهبّون هبة رجل واحد لتكون المشاركة أكبر وهو المطلوب لإحداث التغيير، اما الدعوات غير المنطقية بالمقاطعة فلن تنفع غير الفاسدين ولن تجلب غير الدمار.
الثورة الآن ثورة الصندوق الانتخابي الذي يحذر المقصرين من امتلائه، فهذه هي الثورة الحقيقية لهذا الزمان. في التراث الإسلامي يروى ان هناك مُصلحا كل مئة عام، فلينظر كل مواطن عراقي لنفسه أنه هو المصلح ويذهب لانتخاب من يخرج العراق من أزماته، ويشجع من لا يريد المشاركة بالانتخابات لأسباب مختلفة على الذهاب والمشاركة بالانتخابات ويكون جزءاً من الإصلاح. الفرصة مواتية لتكرار روح ملحمة العشرين الوطنية في الانتخابات المقبلة، فلنغتنم الفرصة ولا نتركها تمر مر السحاب ولا ينفع الندم
 حينها.