المرأة بين موتين

آراء 2021/07/05
...

 رؤى زهير شكر 
قد يبدو للوهلة الاولى عنوانا سوداويا للغاية لكن واقع المرأة العراقية اكثر بؤسا وسوداوية في ظل الظروف الحالية، فمنذ أن بدأت جذوة وباء كورونا والحجر المنزلي تشتعل في البلد، ازدادت انواع العنف الاسري وتنوعت ما بين تعنيف جسدي ونفسي ولفظي. 
تُشير الاحصائيات المُعلنة من قبل وزارة الداخلية الى ارتفاع معدلات العنف الاسري خلال فترة كورونا بل تجاوزت 15 الف حالة تعنيف، بينما الواقع غير المعلن يفوق هذا العدد بكثير، إذ تضطر المرأة المعنفة للسكوت حفاظا على صورة الاسرة المجتمعية والعشائرية قد تغادر البيت لايام عدة، لكنها تعود بصلحٍ عشائري لا يُغني ولا يُسمن.
قد تختلف اسباب العنف وتتنوع لكنها في المُحصلة النهائية تبقى عُنفا تترتب عليه اثار نفسية لا تظهر بالوقت القصير على جميع افراد الاسرة وبالأخص ما يكون منها على الاطفال، فحين تُذكى جمرة العُنف في ذاكرته ستبقى صورة الام المُهانة محفورةً حتى في كِبرهِ، فما بين ازدياد حالات البطالة وكُثرة متطلبات الحياة الاسرية وضغوطات الوباء تكبر الضغوطات النفسية لرب الاسرة، وما بين انتشار تعاطي المخدرات وسوء استخدام التكنلوجيا الحديثة تزداد الهوة اكثر فأكثر. 
في مجتمعٍ لم تظهر سِماته حتى اليوم يتنوع التعنيف بين افراده، فنرى التعنيف الاسري بكلّ أشكاله وربما قد يفوز المجتمع العراقي بابتكار احدث انواع التعنيف حد ان يصل الامر لسفك دم ذات السبعة عشر عاما على يد اولاد العم في «نهوةٍ عشائرية» في النجف امام مرآى الجميع وصمتهم، وغيرها من الحالات التي لم تصل للإعلام أو تجاهلها قد يبدو غريبا في مجتمع ديني محافظ كالمجتمع النجفي، فالسلطتان الدينية والقضائية تقفان عاجزتين فيه امام السُلطة العشائرية. 
لذا لم يجرؤ احد على تقديم اي دعوى قضائية كون فعلية القانون العراقي تُعطي الحق لارتكاب العنف تحت حجة «حق التأديب»، إذ ينص قانون العقوبات العراقي في المادة 41 «لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحقٍ مقرَّر بمقتضى القانون، ويعد استعمالاً للحق، ومنها تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء، والمعلمين، ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرَّر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً»، لذا فمن شأن هكذا نصوص الاسهام في تنامي وتيرة العنف في البلاد، أو عدم الإبلاغ عنه لغياب القانون الصريح الذي يردع المتسبب بالعنف.
ترتفع بين فترة واخرى الدعوات لسن قانون العُنف الاسري الذي نام على طاولات البرلمان العراقي منذ فترة ليست بالقصيرة وليتم نهش سطوره بين الكُتل الرافضة لسنه، التي تعدّه قانونا غربيا وبين الكُتل التي ترى الضعف النسوي قوةً لها، بينما تبقى المرأة اليوم تعاني الموتين.. كورونا في باب البيت والعنف الاسري داخله.. وما بين الموتين تيهٌ 
اخر.