القاعدة والاستثناء

آراء 2021/07/05
...

 قاسم موزان
غالبا ما يتبادر إلى ذهني واذهان الكثير تساؤل متخم بسلسلة اخرى من الأسئلة المعلنة والمسكوت عنها على حد سواء. التساؤل، هل ان الحروب  والصراعات والخلافات التي تعاقبت على البشرية منذ التكوين الاول لها تعد هي القاعدة ودائراتها الاوسع والابقاء على اتون الحرب مشتعلا عبر مراحل التاريخ، ما جعل الإنسانية تدفع اثمانا باهظة جراء الصراعات. 
وإن حالة  السلم هي الاستثناء أو الراحة الوقتية التي ينعم بها الإنسان ويأخذ جزءا من نصيبه في الحياة والعيش الكريم، بعيدا عن لغة الحرب. أو أن السلم استراحة لاسترداد أنفاس المقاتلين لتشغيل ماكنة الكراهية ثانية  ضد الآخر المختلف في تحضيرات مبكرة لحروب جديدة بمباركة تجار الحروب، الذين يبذلون الجهود لإطالتها إلى أبعد مدى ممكن، ويسهمون بتغذيتها ولايعنيهم ما تواجهه الإنسانية من ويلات  جسيمة من القتل والتخريب والتشريد، وتتصدر خطابات الحروب واجهاتالاحداث قبل وقوعها، وكأنها التمهيد الأولي للنزاع الدموي المرتقب، لذا تسخر كل الامكانات البشرية والمادية والثروات لحرب، ستنهي حتما الى طاولة المفاوضات بهدنة مشوبة بتوجس نشوبها مرة اخرى، من دون الالتفات الى حجم الخسائر، التي لحقت بالطرفين المتحاربين، وما نجم عنها من انكسارات نفسية حادة وآثار عنف والتي ستظهر نتائجها في ما بعد على نحو مقلق،  يهدد حتى  السلم المجتمعي وتتسع رقعة الخوف والحذر من القادم وتنعدم الثقة بين المواطن والحاكم المهوس، بسماع قرع طبول الحرب. ولعل أبشعها صناعة عدو وهمي توظف لمجابهته ثروات البلاد، سواء أكانت طائلة أم ضعيفة.
كان في السنين الماضية تمجيد الحروب واخبار انتصارات الحروب في الادب، او ما اطلق عليه ادب الحرب وكذلك في الصحافة والمناهج الدراسية والمحاضرات وركزت البحوث والدراسات المتعلقة باسباب النزاعات والصراعات والتمييز، من دون التأكيد على بناء مجتمع قائم على السلام والتعايش السلمي واشاعة التسامح وقبول الاخر المختلف، في الوقت الحاضر. وقبل ذلك باعوام تدعو بعض المنظمات والحامعات الى منح دبلوم في بناء السلام والحث على كتابة موضوعات لارساء دعائم السلام لمعالجة المشكلات العالقة وتخفيف حدة التوترات الناجمة، غالبا من ازمات متوارثة فلماذا تدفع الشعوب فواتيرها  بأثر رجعي؟ يقول فولتير «نحن لا نعيشُّ أبداً، نحن دائماً على أمل أن نعيش» ولعل هذا الامل هو العيش بسلام وطمأنينة او ما قاله سارتر السلام يعني الحرية.