ماجدعبدالحميد الحمداني
المتابع لسياسة الكاظمي تجاه الاحداث الداخلية او الخارجية يتوقف كثيراً عند قراراته، لاسيما القرارات (النوعية) إن جاز التعبير والتي تحمل تأثيرا مباشراً في بنية المجتمع العراقي ككل، كذلك القرارات التي تهدف لانتشال العملية السياسية من واقع سيئ الى واقع أفضل بُغية تحسين الاداء السياسي تارةً وتحسين صورة هذا الأداء أمام الشعب تارة اخرى.
وعلى سبيل المثال تشكيل لجنة لمكافحة الفساد والتي تعد خطوة جريئة قياسا لما قام به رؤساء الوزارات السابقين من 2005 ولغاية الفترة الحالية، والتي اخذت صدى واسعاً بين الاوساط العراقية سياسياً واجتماعياً، بدليل ملاحقتها لعشرات المتهمين بالفساد على مدار السنوات السابقة، رغم ان البعض تمنى ان تتوسع تلك اللجنة عمودياً وافقياً لأجل الحد من الفساد بشكل
كبير.
ويُفترض بالاوساط السياسية والاجتماعية التي تعلن ظاهراً محاربتها للفساد من خلال خطابها الحزبي أن تقدم دعماً حقيقياً لتلك اللجنة تحديدًا، فضلاً عن وسائل الاعلام المحلية، مثلما يفعل إعلام الدولة في شبكة الاعلام العراقي من خلال قنواته التلفزيونية وجريدة الصباح واذاعاته العاملة، وتسليط الضوء أكثر على مهام اللجنة واعمالها وما أنجزته طيلة هذه الفترة لما للاعلام من دور كبير في دعم الفعاليات والقرارات التي تقوم بها الحكومة في ملف مكافحة الفساد، والذي يتفق جميع المحللين السياسيين والاقتصاديين على وصفه (بالتحدي الاكبر) على مستقبل البلد، مثلًا ممكن تناول كل قضية بعد أن تكتسب الحكم القطعي من المحاكم المختصة تناولها عبر برامج تلفزيونية وتقارير صحفية، وشرح وتوضيح الحقائق للناس، من أجل نشر الوعي المجتمعي بهذا الخصوص، ومن ثم سوف تزداد المساندة الجماهيرية لتلك القرارات وتجعل من تـسول له نفسه التجاوز على المال العام خطاً احمر لا يمكن الاقتراب منه، فضلاً عن ادخال دروس تعليمية في المناهج الدراسية عن تلك الجرائم، ناهيك عن المناهج والكتب الدينية، التي تتضمن ما يحرم من الاضرار بالمال والمصلحة العامة.
فالقرارات النوعية هي القرارات التي تقتضيها مصلحة البلد الملحة، سواء على المدى القريب او البعيد، وهي بالأساس ذات بعد مؤسساتي باعتبار ان الدولة لا بد من أن تتجه لترسيخ العمل المؤسساتي بجميع اشكاله، وان قيادة هذا النهج تقع بالدرجة الاولى على عاتق مجلس الوزراء والسيد رئيس مجلس الوزراء خصوصاً. ورب سائل يسأل لماذا ملف الفساد اولاً؟.
والجواب ببساطة لأن الفساد يعني الخراب في الكهرباء مثلاً.
والفساد يعني التقصير بشكل عام تجاه الشعب في توفير الخدمات الاخرى وهكذا. فالفساد هو التحدي الكبير بوجه كل الحكومات السابقة والحالية، وكذلك المقبلة ومن يبحث عن مستقبل البلد ومستقبله السياسي عليه بإثبات صدقه بمكافحته للفساد وبكل صوره، وهذا ما يبدو أن حكومة الكاظمي سائرة نحوه، الأمر الذي يتطلب من جانب آخر ترسيخ المفاهيم التربوية والدينية التي تحرم الفساد بشكل عملي من خلال اجراءات مهنية تكون بعيدة كثيراً عن البعد السياسي، من خلال منح صلاحيات أكثر بكثير لرئيس مجلس الوزراء، سواء في هذه الحكومة او في الحكومات المقبلة، وأن تتسارع الخطوات المدروسة قانونياً بهذا الاتجاه وتعرية من يقوم بعرقلة اجراءات الحكومة ايضاً التي ستكون تحركاتها من خلال الفضاء القضائي العراقي، والابتعاد عن التشهير، الذي يسبق القرارات القطعية من اجل ترصين القيم الدستورية الحقيقية، التي ستؤسس عند تطبيقها بشفافية لعراق قوي مزدهر.