الهوية والسيادة وبناء الدولة العراقيَّة العادلة

آراء 2021/07/07
...

 عبد الحليم الرهيمي
بين حين وآخر يبدي عدد من السياسيين والكتاب والاعلاميين اهتماماً لافتاً، بمسألتي الهوية والسيادة والكتابة عنهما بأطناب غير مبرر، بينما يتجاهلون البحث واشغال الفكر في واحدة من أهم القضايا الراهنة، لاسيما القضية الاهم والاكثر راهنية، وهي كيفية بناء الدولة العراقية العادلة والبحث في سبيل ومستلزمات اقامتها وشروط قوتها واستمرارها.
 وقد ركنت هذه القضية جانباً وانشغلت القوى والتنظيمات التي تصدرت المشهد السياسي طيلة السنوات الثمانية عشر، اي بعد عام 2003، باقامة سلطة سياسية تخدم مصالحها الفئوية الضيقة على حساب بناء الدولة العادلة وعلى حساب المصالح الاساسية للشعب العراقي، حتى استحقت هذه السلطة الوصف المعبر بأنها سلطة فاشلة.
والواقع، إن مسألتي الهوية والسيادة رغم اهميتهما الكبيرة، لكنهما لايستوجبان ذلك الاهتمام المغالي، الذي يطمس معانيهما الحقيقية بينما لا يحتاج اي منهما سوى التعريف بسطور، يتعرف عليهما العراقيون من مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية، من دون مجلدات وضخ لا لزوم له للمصطلحات الاكاديمية. 
وذلك ان الهوية الوطنية العراقية التي بدأت ارهاصاتها الاولى مع تأسيس الدولة العراقية العام 1921 وتطورت مع بناء مؤسسات الدولة، التي عبر عنها انضواء الاجتماع السياسي للمواطنين بمختلف هوياتهم الفرعية وانتماءاتهم بأنهم يحملون الهوية الوطنية التي يعبر عنها بـ(الجنسية) التي تميز هوية العراقي عن الهويات 
الاخرى.
 اما السيادة الوطنية فيمكن تعريفها بسطور يفهمها جميع العراقيين: انها تعني ممارسة الحياة السياسية والعامة بمختلف تعبيراتها بحرية تامة ومن دون فرض او من قوى اجنبية، كما انها تعني الحفاظ على حدود وارض وسماء العراق وخيراته من اي تدخل اجنبي ضد ارادة العراقيين ورضاهم، سواء كان تدخلاً ظاهراً او مستتراً، وهذا المفهوم الواضح للسيادة لا يحتاج الى اي تفسيرات وتحليلات ومجادلات توضح معنى السيادة، الا اذا كان الهدف هو اخفاء اهداف ومصالح اخرى بذريعة الحرص على سيادة وهمية، وصرف النظر عن الخروق للسيادة الحقيقية وتعبيراتها.
اما بناء الدولة العراقية العادلة، التي اصبح السعي والعمل الجاد لاقامتها بديلاً عن السلطة السياسية الفاشلة وبديلاً ورفضاً عن لـ(اللادولة) المتحققة والمتغولة في الواقع على حساب الدولة. 
والمقصود بالدولة العادلة، هي دولة المواطنة الحقة الدولة المدنية الديمقراطية دولة المؤسسات الحقيقية دولة القوانين وسيادتها الحقة بتطبيقها على الجميع. دولة تعمل باخلاص لبناء المستقبل بمشاريع عملاقة، التي تحقق التقدم والازدهار للعراقيين والعراق. 
وبالطبع هي غير الدولة الوهمية اللا واقعية التي يتحدث عنها البعض بكلمات اشبه بالكلمات المتقاطعة، بوصفها تارة حضارية ذات مركبات عديدة وتارة اخرى حديثة او قديمة وغير ذلك، اي انها دولة الهروب الى الامام لصرف النظر عن الدولة العادلة التي حان الوقت تماماً لإقامتها.