بشير خزعل
قبل توفر لقاح مؤكد لجائحة كوفيد- 19، اتجهت اغلب دول العالم إلى فرض اجراءات الحظر الصحي، كالعزل والتباعد الاجتماعي للحد من انتشار الوباء، فأغلقت المدارس والمراكز التجارية ودور العبادة، ووضعت قيود مشددة على السفر والحركة داخل المدينة الواحدة، كما علقت جميع الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية. وبعد توفر اللقاح وبدء عمليات التطعيم ضد الفيروس، خففت دول اوروبا على وجه الخصوص ودول اخرى القيود واجراءات الحظر الصحي مع الابقاء على اجراءات الوقاية واهمها «لبس الكمامات» في التجمعات واجراءات التعقيم الاخرى، وفرضت شروطا واجراءات قانونية بحق المخالفين للالتزام بشروط الوقاية الصحية الخاصة بحرية الحركة في الشوارع والاماكن العامة، على الرغم من الثقافية المجتمعية لتلك البلدان التي لم تكن بحاجة الى اجراءات قانونية صارمة، من الواضح أنّ وباء كورونا بمدى اتساعه وخطورته يرقى إلى مستوى تهديد خطير للصحة العامة، يمكن أن يبرّر فرض قيود على بعض الحقوق، مثل تلك التي تنجم عن فرض الحظر الشامل او الجزئي الذي يحدّ من حرية التنقل والعمل، لكن فرض التدابير الفضفاضة التي يعلن عنها بين الحين والاخر وما يخص مجتمعنا العراقي في ظل هذه التداعيات الصحية الخطيرة، يثير تساؤلا مهما؟ في اي مستوى نحن من حجم هذه المشكلة؟ هل نجح الحظر الجزئي في تقليل الاصابات؟ الى ما زالت تتراوح في حدود «5000» اصابة يوميا، ووفيات بين 20 - 40 وفاة يوميا، وما فائدة الحظر الجزئي، اذا كانت التجمعات والاسواق والانشطة الاجتماعية في اوجها داخل المناطق السكنية والشعبية المغلقة على نفسها، بسبب الحظر الجزئي، ثم تنطلق تلك التجمعات في صباح اليوم التالي الى باقي الاحياء الاخرى في بغداد او المحافظات بعد رفع قيود الحظر صباحا، «مايكتنز ليلا يصرف صباحا»، وقد تكون لدى الجهات الصحية مبررات واسباب تستدعي مثل هذه الاجراءات، منها عدم وجود تحسن في مستوى انخفاض الاصابات وعدم التزام المواطن بالاجراءات الوقائية، لكن هذا لا يعني الاستمرار في فرض القيود الشاملة او الجزئية على التنقل والحرية الشخصية، ولا بد أن تلجأ إلى القيود الإلزامية، «الكمامات» والمعقمات، ومنع التجمعات، والسماح بأعداد محددة للاشخاص في الاماكن العامة او الاسواق، بشرط أن تكون تلك الاجراءات ضمن رادع قانوني صارم كالغرامات المالية الفورية او الاحتجاز لفترة زمنية محددة، وكذلك بالنسبة للمحال التجارية والاسواق وغيرها من الانشطة اليومية، التي يمكن ان تؤدي الى انتشار العدوى، كما ان ضعف عمليات التطعيم ضد وباء كورونا لابد أن يجابه بفرض اجراءات حكومية من اجل الخروج من البقاء ضمن اجراءات الحظر الجزئي الذي أتى بضرر بالغ على اصحاب المهن المختلفة في القطاع الخاص، والتي غالبا ما يكون بدء عملها مع بداية فرض الحظر عند التاسعة ليلا خصوصا في الاجواء الصيفية، خلية الأزمة البرلمانية كانت قد طرحت توصية برفع الحظر الجزئي في البلاد على مرحلتين، تنص الأولى على تقليص ساعات الحظر الجزئي من 12 بعد منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، وتوصي الثانية بإلغاء الحظر كليا حين استقرار الإصابات اليومية، عند معدل ألفي إصابة وأقل، وهو خيار معقول، لكن استمرار تسجيل آلاف حالات الإصابة يوميا وعشرات الوفيات، يحول دون تطبيق توصية خلية الأزمة في البرلمان، وجود الحظر الجزئي اصبح كعدمه، كونه يغطي في جله ساعات الليل المتأخرة، التي هي في الأساس لا تشهد ازدحاما، حيث تكاد تكون الأماكن العامة شبه خالية من الناس، والأهم من فرض الحظر الجزئي الذي تتخلله خروق كبيرة، هو اعتماد اجراءات الوقاية خلال التجوال، وفرض اجراءات ملزمة بعيدة عن التهويل لتهوين اخذ اللقاح. خصوصا ان العراق من ضمن الدول العربية الأعلى في عدد الإصابات بفيروس كورونا، حيث تقارب الحصيلة، مليون و200 ألف إصابة، بينما زاد عدد الوفيات على 16 ألفا.