محمد صادق جراد
عندما تغيب الرقابة الحقيقية للحكومات والسلطات سيصبح من السهل ان تتحول تلك الحكومات الى انظمة استبدادية وقمعية فاسدة، تقوم بهدر الثروات الوطنية والتلاعب بمصائر الشعوب التي تحكمها
ولهذا نجد أن الكثير من الدول صاحبة التجارب الديمقراطية الناجحة عملت على تطوير آليات الرقابة على مستوى الحكومات المركزية او
المحلية .
ومن خلال متابعة تلك التجارب نجد أنها نجحت في منع ذلك من خلال وسيلتين، الاولى تفعيل الرقابة من داخل مؤسسات النظام السياسي كالبرلمان والقضاء المستقل واحزاب المعارضة. والوسيلة الثانية تفعيل الرقابة المجتمعية بمختلف مؤسساتها، كالاعلام الوطني ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات بمختلف عناوينها
ومسمياتها .
اي متابع للشأن العراقي، لاسيما ملف الخدمات والاقتصاد بصورة عامة يمكنه ان يلاحظ الضعف الرقابي لجميع المؤسسات الرقابية، انطلاقا من أعلى سلطة رقابية في البلاد وانتهاء بالهيئات الخاصة بمراقبة الأداء المؤسساتي، الأمر الذي ساهم في تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري في ظل عملية سياسية مبنية على التوافق والمحاصصة، ما يؤدي الى غياب المعارضة السياسية ومن ثم غياب الرقيب. كل هذا جعلنا إمام حاجة كبيرة الى منظومة رقابية يمكن ان تتصدى للفساد وتراقب سير العملية السياسية وتحميها من
الخروق.
ونحن نتحدث عن أهمية دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة الأداء الحكومي، لا بد من الإشارة الى حقيقة مهمة للغاية، وهي ان الكثير من القوى السياسية لا تزال تجهل أهمية دور منظمات المجتمع المدني، بوصفها رقيباً ومتابعاً للوضع العام وبصفتها طرفا محايدا لا يبحث عن مغانم سلطوية، وليست له أطماع في الوصول الى السلطة وبعيداً عن التجاذبات السياسية، التي تؤثر في الكثير من المواقف والقناعات. كما لا يعترف البعض بحيوية المجتمع المدني وضرورته بوصفه من أهم روافد الإصلاح والتغيير ودعم التحول الديمقراطي من خلال ممارسته لنشاطاته، لا سيما مراقبة السلطات وهي مهمة مألوفة في الكثير من الدول الديمقراطية، التي أصبحت منظمات المجتمع المدني فيها طرفا مهما ولاعبا رئيسا في إنجاح التحول الديمقراطي من خلال أدائها لدورها الرقابي، بالتعاون مع الإعلام الوطني في تسليط الأضواء على مواطن الخلل والمساهمة في وضع
الحلول.
لذلك نقول بأن علينا العمل على تطوير العمل الرقابي في البلاد ودخول المنظمات المدنية والإعلام الوطني الحر على خط الرقابة للأداء
السياسي.