عباس الصباغ
بعد الانتهاء من نشوة تحرير الموصل واعلان بيان النصر على فلول داعش القروسطي المتوحشة كانت جميع المعطيات على الارض، تشير الى انها لم تنتهِ تماما وما زالت مع حواضنها وخلاياها النائمة، تمارس الارهاب الممنهج ذاته ضد العراق شعبا وحكومة وبنىً تحتية، وهو ما أكده أكثر المحللين الستراتيجيين. فقد كان احتلال نحو ثلث العراق يمثل صفحة عسكرية معلنة، فان الاعمال الارهابية الدنيئة التي تمارسها ما تبقى من عصابات داعش مع خلاياها النائمة تمثّل صفحة اخرى غير معلنة من الحرب، التي بدأتها داعش في حزيران 2014، حرب من نوع آخر وهي الاطاحة بالمنظومة الوطنية للكهرباء ما يؤدي الى الاضرار بالاقتصاد الوطني وزيادة معاناة المواطنين واحراج الحكومة في ذروة الصيف القائظ، ما ادى الى انقطاع شبه تام للكهرباء الوطنية، وهو سيناريو أعدّ مسبقا لغرض تدمير البنى التحتية للكهرباء الوطنية وتفجير ابراج الضغط العالي وخطوط الربط، لاسيما مع دول الجوار المتهيكلة مع المنظومة الوطنية، فهي يفعل أي شيء مضرٍ بالبلد باستغلال اي فرصة ممكنة
لذلك.
وبعد ان وصل التخريب الممنهج «وشبه اليومي» الى الاطاحة بأكثر من «30» برجا في ظرف زمني قصير، وهو سيناريو لم يتمّ الاعداد له بين ليلة وضحاها، فقد تمت تهيئته حسب اسلوب التخادم المصلحي بين عصابات داعش وحواضنها وخلاياها النائمة وايتام النظام السابق، وكل هؤلاء يجمعهم هدف واحد هو الاطاحة بالعراق وافشال عمليته السياسية، وزرع عدم الثقة بالحكومة، بدليل لا يصدق الناس ان هنالك تدميرا قائما للبنى التحتية للكهرباء، فهم يرمون باللائمة على الحكومة وحدها ووعودها المتكررة في معالجة هذا الملف، ولايصدّقون ان هنالك تخادما مشتركا بين داعش وبين قوى الشر في حرب ضروس غير معلنة، فقد انعدمت الثقة بين المواطن والحكومة وهو الهدف المتوخى من داعش.
كان لاستكمال النصر على داعش ان تتحرك جهود السلطات الحكومية لاستيعاب الحواضن الداعشية، وارجاعها الى حضيرة الوطن واحتوائها وتنقيتها من الادران الداعشية والافكار الهجينة المتخلفة، لا أن تُترك سدى وهذا يعني رجوع داعش الى ممارسة ارهابها كما في السابق وهو ما يحصل الان، وكان على السلطة التنفيذية عدم ترك المنظومة التحتية للكهرباء الوطنية دون حماية جدية او تحت رحمة الظروف، فالتحدي كبير ويجب أن يُواجه بتحشيد جيش جرار مدرب ومحترف يقوم بحماية تلك المنظومة، وليس الاعتماد على عناصر الحمايات فقط، هذا التخريب وفي درجة حرارة تفوق نصف درجة الغليان، هو حرب لا تقلّ خطورة عن الصفحة العسكرية البربرية لعصابات داعش .
فهل ستكون الحكومة في مستوى التحدي ام تتكرر مأساة الموصل؟