حميد طارش
يفتخر العراق بتشريعه لقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، كونه من التشريعات، التي تضمنت مبادئ جيدة بالمقارنة مع تشريعات دول مشابهة للعراق، ومن تلك المبادئ المهمة منح حضانة الطفل بعد وقوع الطلاق بين ابويه وحتى في حال زواجهما بعد الانفصال، وفقاً لما تقتضيه مصلحة الطفل وهذا المبدأ هو المعتمد من قبل الاتفاقيات الدولية الملزمة للعراق، التي لا تختلف من حيث المبدأ على تحقق تلك المصلحة في حضانة الأم لطفلها، ولنا أن نتصور كيف يكون حال الرضيع مع الاب عند انفصاله من أمه، وغالباً ما يُخرق الحق المذكور ويُعطى الطفل لأبيه بسبب التقاليد الاجتماعية، التي ترى الابناء حقا خالصا للاب مستغلةً بذلك ضعف المرأة! ومن الطبيعي أن يكون لأصل الحضانة استثناء لاسباب تحددها التشريعات بدقة حمايةً للاصل العام، واذا كان الاتفاق راسخاً على بداية الحضانة للام، فلنا أن نتصور صعوبة وألم فصل الطفل عن بيئته بعد سنوات محددة الى بيئة أخرى، ما زالت تشوهها قسوة زوجة الاب، واذا كانت مشكلة زيارة الأب لطفله هي السبب الاكبر في اثارة هذا الموضوع، فإن ذلك لا يبرر تعديل المادة «57» من قانون الاحوال الشخصية، وانما يتطلب معالجة مرنّة لتلك المشكلة التي ستظل قائمة في ظل حضانة الاب وستزداد صعوبة بما يؤثر على نفسية الطفل وسعادته وهكذا الحال، في ما لو تحققت مبررات الاستثناء من قبيل عدم صلاحية الام للحضانة أو اسباب تتعلق بزوج الام وأبنائه، فإن الفصل فيها يكون للقضاء لتحقيق مصلحة المحضون وليس ايقاع العقوبة قبل وقوع الجرم، بنزع الحضانة من الام.. أي نحن هنا ليس بصدد أفضلية للأم على الاب أو العكس، وانما بصدد مصلحة الطفل مما يتطلب دراسة تلك المصلحة بشكل موضوعي محايد قائم على تحليل الوقائع الاجتماعية والنفسية.
يعيش الطفل العراقي أوضاعاً مأساويةً في جميع المجالات كالتعليم والصحة والرفاه، واما سوق العمل فإنها تزخر بنسبة عالية من عمالة الاطفال. وتقاطع الطرق والشوارع خير شاهد على مأساة الطفولة، بل وأصبحواً سلعاً للبيع من قبل ذويهم بسبب الجوع! وكذا الحال في ملاجئ الاطفال وفي مخيمات النازحين وتفشي ظاهرة الطلاق. أعتقد هذه المشكلات التي لم يُحرك لها ساكن من قبل المسؤولين بعد عام 2003 هي أجدر بأن تكون موضع اهتمامهم. وهذا ما يستحقه الطفل العراقي وليس تعديل القانون الذي لا يُسمن ولا يغني من
جوع.