الكسل السياسي وصناعة الازمات

آراء 2021/07/11
...

 مشتاق جباري
السياسة بشكل عام ليست كسولة، فهي تنهض وتتكامل وتطور ثقافاتها وادواتها واساليبها باستمرار، وهي تقرأ كثيرا وبعمق ولا ترتجل أبدا. هل نتعلم دون ان نستنسخ تجربة الاخر، أي أن نفهم الممارسة السياسية، الذاتيات وليست العرضيات، تجاربنا الثورية او الانقلابية تقول إننا نلجأ الى العرضيات، التي هي ابعاد ثانوية متغيرة بتغير ظروفها وأوقاتها 
ونجعل منها جوهر واصل تقوم عليه افكارنا وتحركاتنا السياسية.
والمعرفة لا تعني الاستهلاك الكسول للافكار ولكل تجربة وضعها الخاص وبيئتها وعوامل نجاحها او اخفاقها.
السياسة في العراق كسولة، والكسل هنا يعني عدم الجرأة في القيام بمراجعات جادة ذات بناء نقدي تأسيسي، لذا لا بدّ من التأكيد ان السياسة في العراق ما زالت غير مهتمة بالنقد الداخلي الحقيقي.
والكسل هنا تعريف اخر للجهل بالسبل الحقيقية للنهوض، وهروب من قساوة التغيير الذي هو بحاجة الى قرابين اصلاح تحجم النزعة الفردية الميالة الى التسلط وتضخيم الانا، وتعطي الحالة الجماعية ذات الفاعلية العلمية والمهنية مساحة لتفعيل ديناميات التواضع والفاعلية السياسية.
وهذا بناء ستراتيجي، وعمل كهذا يخلق مؤسسات، يطور حس المعرفة السياسية، يمكنه الانسجام والتكامل مع ضرورات وعوامل وظروف وعناصر اخرى بحاجة الى دعم من سلطة القرار، لتتحول مع مزيد من الافكار الى بناءات وحواضن صلبة ذات قواعد حقيقية.
الكسل السياسي له تعريفات مختلفة، فهو خوف وانسياق وراء الصراعات واستحضار لقيم خاصة، وضعت بديلا للقيم الوطنية العامة، وهو ايضا جهل يرتدي ثوب الحذر، وازمة تتخفى تحت ظل الخوف من المؤامرة.
فهم تأويلات الكسل، يكسبنا احاطة بجذورنا السياسية التي توقفت عن ملاحقة المعرفة وممارسة الاكتشاف، وعجزت عن صياغة واقع متوازن، فالمنتمي أيديولوجي بنزعة عنف ثوري كامن او ظاهر، واللا منتمي يسهل تصنيفه وبه يفقد قوة اللا انتماء السياسي التي يفترض بها ان تدعم وجود حاضنة سياسية حرة.
وحين يقدم وصف مأزوم، فإن تشخيص الخلل، الازمات، يتم بذات الوسائل ومن خلال ذات الافكار التي تخلق ازمة وتفكر في أخرى