الحقوق الوظيفيَّة في المحاكم الإداريَّة

آراء 2021/07/13
...

  حسين رشيد 
 
تسببت المحاصصة وتقاسم المناصب في مؤسسات الدولة بوصول أشخاص الى مناصب رفيعة في ادارة الدوائر والهيئات المستقلة، لاشأن لهم بالإدارة ولا بالتخصص، فكل ما يمكله هؤلاء حصانة حزبية او علاقات شخصية، تؤمن لهم المنصب وتدعمه أطول فترة، وهذا حتما ليس بالمجان فلكل منصب ثمن.
مثل هؤلاء يبحثون عن أمثالهم في شغل المنصب الأدنى، اذ يُركن من له الاحقية والتدرج الوظيفي، والكفاءة، والنزاهة على جنب، وثمة من لم يترك على جنب بل يحارب بطرق مختلفة، خاصة اذا أبدى اعتراضا حول سياسات ونهج المسؤولين في الدائرة وطريقة عملهم وما يتسببون به من ضررٍ على المال العام.
الصدفة والمحسوبية التي جاءت بمثل هؤلاء المسؤولين على حساب أصحاب الاستحقاق  والتدرج الوظيفي واشاعة التعامل وفق المزاج الشخصي مع الموظفين، والموقف من كل منهم، ما تسبب بإلحاق الأذى بالكثير منهم، سواء كان الاذى متعمدا أو بسبب عدم الإلمام بقانون الخدمة المدنية والقوانين الأخرى المرتبطة به، التي تحفظ حقوق 
الموظفين وتبين مهام وتوضح صلاحيات المسؤولين.
الاذى والغبن اللذان يلحقان بالموظفين يدفعم الى الاحتكام الى القضاء الاداري (محكمة القضاء الاداري ومحكمة قضاء الموظفين) لاستعادة حقوقهم وربما ما لحق بهم من ظلم وغبن، جراء مزاجية المسؤولين او جهلهم بالشؤون الإدارية وكيفية إدارة مؤسسات الدولة التي وجدت للخدمة 
العامة.
قد تحسم الدعوى خلال مدة وجيزة بجلستين او ثلاث جلسات، واذ جاء الحكم لصالح الموظف فحتما سيتجه المسؤول الى التمييز، الذي لن يتأخر، فبعض الدعوى تتم المصادقة على قرار المحكمة وأخرى تنقض، وما ينقض هنا يدفع الموظف المتضرر الى تمييز آخر، وهنا تبدأ رحلة اخرى قد تستمر لسنوات يبقى الموظف المشتكي فيه 
متضررا.
ربما يكون التأخير بسبب كثرة الدعوى المتأتية من كثرة عدد الموظفين وانعدام المهنية والاحتكام الى قانون الإدارة في اتخاذ القرارات، لكن هذا لايمنع من ضرورة إيجاد ىلية وسقف أعلى لحسم الدعوى واستعادة الموظف 
لحقوقه المسلوبة او رفع الغبن والظلم عنه، فليس من المعقول أن تبقى دعوى في التمييز لمدة ثلاثة اعوام من دون حسم، واذ كان الموظف يرغب بحسمها سريعا عليه دفع (100) ألف دينار كي يستلم قرار التميز في ستة اشهر كما يُعمل به الأن في القضاء 
الاداري.
في النهاية تحسم الدعوى وتصادق لصالح الموظف، لتبدأ الرحلة الاخرى في استعادة الحقوق المالية المترتبة على الدائرة، وهنا سيبرع المسؤولون ذاتهم او حلفاؤهم في الدائرة الى تأويل وتفسير قرار المحكمة حسب مزاجهم، ما يضطر الموظف المتضرر العودة الى القضاء الاداري والانتظار لسنين اخرى، بغية كسب الدعوى والمصادقة عليها، كي يستلم حقوقه المالية، في حين يأمن المسؤول عن الضرر 
من العقوبة لما تسبب به من ضرر على المصلحة العامة وخسارة الدولة مبالغ التعويض، وضرر على شخص الموظف ومحاربته في قوت 
أسرته.
لو أتيح لمن في السلطة القضائية العليا ومجلس شورى الدول مراجعة هذا الملف، فسيتم رفع الحيف عن عشرات الآلاف من الحالات التي تستحق الإنصاف ورفع الظلم، وفي الوقت ذاته يتطلب تحديد المسؤول المتسبب ومحاسبته بشدة ليكون عبرة للاخرين، وليخفف الضغط على القضاء 
الإداري.