باسم عبد الحميد حمودي
لا يزال الحزن سارياً في الناصرية مدناً وقرى ودساكر.
عرف الناس الألم طافحاً دوماً وعلى مر التاريخ الإنساني, لكن الناصريَّة تمتاز عن سواها بهذا الحزن الذي توارثته منذ أتونا بشتم وجلجامش الذي أراد الخلود وفشل وعاد الى شقيق روحه أنكيدو بعد أنْ خيب جده أمله.
وإذا كان الحزن ظاهرة سارية في الشعر العراقي عموماً, الشعبي خصوصاً، الناصري بشكل أخص, فإنَّ ذلك ينطلق من متوالية تاريخيَّة مستمرة, وليس حريق المستشفى الأخير الذي أضاف إلينا شهداءً جدداً إلا نوعاً من اكتمال الأحزان بالأحزان.
أيصح هذا وقد ضحى أهل ذي قار وقدموا على مر التاريخ العراقي شهداء وأبطالاً ميامين دافعوا عن الأرض والعرض مراراً؟
أسهمت الناصريَّة في بناء تاريخ العراق منذ أنْ كانت, والناصريَّة هنا ليست مدينة ناصر باشا السعدون الأشقر التي تأسست حديثاً زمن مدحت باشا, بل هي الأرياف والأهوار والمدن المنتفجيَّة المتسعة التي جاء تأسيس (الناصريَّة) المدينة صورة للتقدم الحضاري الذي لا بُدَّ أنْ يكون.. وقد كان, وقد ظهرت الناصريَّة تقود جيوشها الصغيرة المعارك مع افراسياب البصري للدفاع عن الأرض تاريخياً.
إنَّ دراسة تاريخ الناصرية يتصل بحزنها, وتلك ظاهرة تستحق التحليل والإيغال في المعرفة.
الحديث طويل, لكنَّ استذكار الشهداء أمرٌ حيويٌّ بما يفيد رعاية أهلهم المنكوبين وعقاب من تسبب في هذه النكبة الكبيرة حقاً.