صناعة العائلة

آراء 2021/07/15
...

  حيدر زوير
                                                                 
بإحدى الإحصائيات الشهرية اتضح أن في كل ساعة من ساعات دوام محاكم الاحوال الشخصية يتم طلاق 43 زيجة. ومن المؤسف ان النقاشات الحداثية تدور غالبا حول حقوق الافراد على حساب العلاقات، وهي سمة بارزة في التفكير المعاصر المتسم بالفردية المفرطة. لذا ينشغل الفرقاء في هذه الموضوعات مثلا {معالجة النظرة السلبية للمطلق والمطلقة}. خاصة ما يتعلق بالمرأة، وهنالك كتابات لا حصر لها وفيها افكار لا تخلو من الوجاهة حول {كوني مطلقة ولا تكوني معنفة او تعيسة}.
تشعرك هذه الكتابات بنزعة انهزامية او استسلام او انهيار مؤسسات العلاقة. وابرزها {الزواج} وكأن هذه العلاقة امر طبيعي غير قابل للتغيير 
والتحديث. 
فالزواج في المجتمع العراقي يتحرك في سياقين اثنين. اولهما الفكرة الانسانية. اي إن على كل ذكرٍ او أنثى الزواج حينما يبلغان مرحلة عمرية، يتم تحديدها اجتماعيا. والثانية: هي الكيفية وتتم عادة استنادا الى سياقات مفروضة، تتشكل من مجموعة عوامل سياسية واقتصادية وقيمية. 
وسواء اتفق القارئ مع هذه النتيجة او لا. يكفي الاتفاق ان حجم حالات الطلاق والعنف والمشكلات العائلية التي تعلنها بيانات الأجهزة الحكومية والقضائية. تثبت أن هنالك مشكلة جوهرية تصيب اساس البناء الاجتماعي العراقي وهي {علاقة الزواج - نظام العائلة}.
 في تجارب متعددة منها التجربة الماليزية، عمدت الى تقعيد علاقة الزواج عبر اختبارات يخضع لها كل من يتقدم لاقامة هذه العلاقة. اي إن شروط عقد الزواج لا ينحصر بشرط القبول {التوافق العاطفي او بالشرط الصحي التوافق البايولوجي} وهكذا باقي الشروط. 
بل هنالك شرط {المعرفة} هل يعرف كل من الزوج والزوجة ماذا تعني {علاقة الزواج} وهل يعرفان {إنشاء عائلة}.
ومن هنا لا بد من انفتاح محاكم الاحوال الشخصية على الباحثين الاجتماعيين والثقافيين. من اجل وضع اختبارات لا بد للافراد من تجاوزها للارتقاء الى اقامة علاقة الزواج والعائلة. فالعائلة الوطنية التي ندعو لها هي صناعة. اي عِلم أَو فنّ يتعلمه الإنسان حتى يمهر فيه ويصبح حرفة له. فانشاء عائلة هي من اهم الاعمال التي يمارسها الانسان في حياته.
فصناعة العائلة، هي هدف ينبغي ان يحضّر في مؤسسات صناعة الوعي الرسمي وغير الرسمي. وهذا يتم فضلا عن القوانين النافذة، كذلك عن طريق إشاعة ثقافة صناعتها فنيا وإعلاميا 
وسياسيا.