حب في المشرحة

ثقافة 2021/07/17
...

  حيدر الهاشمي
 
همس في أذني: لا تنظر إليها إنها خطيبتي. منذ طفولتي وأنا أنام على كتفي الأيسر، كانت جدتي تقول لي: كف عن نومة الشياطين، بينما كان أبي يمازحني ويقول: لا تكترث لحديثها إنه من أساطير الأولين.
بصراحة لَمْ أَرَ شيئا من الكلام الذي أتهمني به الرجل، بسبب ظلمة المكان الذي نحن فيه، كان يشبه علبة سردين كبيرة، نتجمد من شدة البرد، أسمع أصوات من حولي وبكاء الأطفال، وأحيانا تتحول الثرثرة إلى مشادات كلامية لكن من دون شجار، ينقطع الصوت كلما فتح الباب وأخرجوا واحدا منا.
يفرض الصمت هيبته، يتسلل الضوء والخوف معا، ثم يسقط أحدنا على الآخر مثل دببة قطنية وسرعان ما نعيد ترتيبنا من جديد. كان أحد العاملين يفتح الباب ويغلقه، يكرر تلك الحالة عدة مرات من دون أن يفعل شيئا ما، ربما وقع في غرامها هو الآخر، لقد زاد من اهتمامه بها.
قال لي كبيرهم: أيها الغريب من أنت؟
-  أنا...أنا عازف العود يا سيدي.
-  ذكرتك، لكن من الذي أتى بك إلى هنا؟
- لا علم لدي، كلما أتذكره هو أننا تعرضنا لإطلاق نار كثيف، قبل ان يفجر أحدهم نفسه، ثم أغمي عليَّ.
فتح الباب، أخرجوا واحدا منا وانصرفوا سريعا، عاد ليطرح عليَّ الأسئلة، وقبل أن يسأل سعل سعالا مخيفا، سألته: هل أنت مصاب بالسل أيها الجد؟
- لا إنه البرد. البرد، لا أدري في اي مكان من الجحيم نحن، لكن قل لي إلى أين يأخذون رفاقنا؟
 -لا أعلم، ربما إلى زنزانات انفرادية.
- حسنا كن حذرا و لا تتعدى على حدود الآخرين وإلا.. غادرنا بالحال.
كاد يتحول الحديث إلى عراك بالأيدي، حيث احتشد كل من 
هناك ضدي إلا هي، مازالت تطاردني بنظراتها، مدت يدها نحوي وابتسمت وقبل أن أمد لها يدي، فتح الباب، صفعني 
أحدهم وقال لصاحبه: إنه يتنفس، مازال على قيد الحياة أيها الطبيب!
- حسنا: أخرجوه من الثلاجة.