الفساد وظاهرة الحرائق

آراء 2021/07/17
...

 اياد مهدي عباس
 
لم يكن ضرر الفساد في العراق يقتصر على سرقة المال العام فقط بل كان سبباً مباشراً في وقوع كوارث يذهب ضحيتها العشرات من الناس في كل يوم تقريباً ومن بين هذه الكوارث المأساوية التي اعتاد المواطن على مشاهدتها هي ظاهرة حرائق الأبنية الحكومية وخصوصاً المستشفيات التي من المفروض أن تكون اكثر الأماكن اماناً وراحةً للناس بسبب طبيعة وظيفتها الإنسانية كمكان يستقبل الأشخاص الذين يحتاجون الى عناية صحية كالمرضى والمصابين وكبار السن واصحاب الأمراض المزمنة، لكن للأسف أصبحت هذه المستشفيات اكثر الأماكن خطورة واكثرها عرضة للحرائق والموت. 
 ومن خلال تكرار الحرائق بشكل مستمر والبحث عن اسبابها يتضح أن هناك مادة تسمى «سندويج بنل» شاع استخدامها في الآونة الأخيرة في الأبنية الحكومية وخصوصاً في المستشفيات وهذه المادة تستعمل لتغليف أسقف وجدران المستشفيات لغرض إخفاء عيوبها وإظهارها بمظهر جميل من دون مراعاة شروط السلامة فيها وغض الطرف عن مخاطرها من قبل المسؤولين لاسباب تتعلق بالرشوة والمحسوبية، وان من خصائص هذه المادة إنها سريعة الاشتعال وتطلق غازات سامة ودخانا كثيفا حين احتراقها ما يؤدي الى اختناق المرضى الراقدين في المستشفيات وبالتالي تكون الحرائق شديدة وسريعة الانتشار ويصعب السيطرة عليها، لذا تكون الخسائر كبيرة جدا.
إن عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استخدام هذه المادة القابلة للاشتعال كان سببا في حدوث مثل هذه الحرائق باستمرار، بالاضافة الى عوامل اخرى كعدم تجهيز المستشفيات الحكومية بأجهزة إنذار كشف الحرائق والسماح للمرضى باصطحاب الأدوات الحارقة كالهيترات الكهربائية ووضعها بالقرب من قناني الاوكسجين، ناهيك عن قدم الأبنية وتهالكها وعدم توفر شروط السلامة فيها، وهذه كلها عوامل ساعدت على تكرار حدوث الحرائق. 
ففي كل مرة نجد الأسباب والعوامل متشابهة لكن ايضا في كل مرة لا يرى المواطن حلولا جذرية لمنع تكرار مثل هذه المآسي التي يذهب ضحيتها العشرات من المواطنين.
وما زاد الوضع سوءاً هو تحول المستشفيات الحكومية الى ما يشبه الفنادق، إذ يرافق المرضى الراقدين فيها عدة أشخاص لغرض رعايتهم بسبب قلة الرعاية في اغلب المستشفيات، لذا في حالة حدوث حرائق تكون الخسائر في الأرواح كبيرة بين صفوف المرافقين وغالباً ما تتوفى اسر باكملها بسبب تواجدهم بالقرب من مرضاهم في لحظة وقوع الحريق. 
 وفي الوقت نفسه لا نستطيع ابعاد فرضية وجود اياد خفية تقف خلف هذه الحرائق المتكررة لذلك كان غياب التحقيق المهني والمحاسبة القانونية بحق المقصرين وعدم الوقوف على الأسباب الحقيقية  السبب في تكرارها بشكل يومي وذهاب العشرات من الناس الابرياء فيها.