البيانات الحكومية وقانون الجرائم الإلكترونية

آراء 2021/07/17
...

 حسين المولى
مع التطور الذي شهدته المنظومة الحكومية في ظل التطور التقني، وظهور ما يسمى بالحكومة الإلكترونية، اذ عرفت بأنها تحويل الأعمال والخدمات كافة من صورة تقليدية إلى أعمال وخدمات إلكترونية تنفذ بسرعة عالية ودقة متناهية، كما يطلق عليها إدارة بلا ورق paperless Management، وغيرت الكثير من المفاهيم لا سيما في تداول الملفات وتقديم الخدمات للمتعاملين مع الحكومة فهي ثمار المنجزات التقنية في العصر الحديث 
ومع هذا التطور السريع كان من البديهي أن تسرع السلطة التشريعية في تشريع قوانين تجرم الانتهاكات التي تحصل على هذه الملفات الحكومية التي تكون تحت تداول العامة في الشبكة 
العالمية.
ولم تول بعض التشريعات العربية الاهتمام الكبير بتوفير الحماية الجنائية للبيانات الحكومية، وبالخصوص التشريعات التي وفرت الحماية للبيانات القابلة للمعالجة الإلكترونية، والسبب في اعتقادها بأنها تشمل البيانات الحكومية أيضا، هذا ما نصت عليه قوانين مكافحة الجرائم المعلوماتية في كُلّ من المملكة العربية السعودية، السودان، الأردن، سوريا، البحرين، قطر، الكويت، الجزائر، وبهذا الخصوص أيضا لم تذكرها الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات ومن بعدها وثيقة الرياض.
وعلى النقيض من ذلك نجد المشرع في سلطنة عمان سار على خطٍ مغاير في هذا الخصوص، اذ اهتم بحماية هذه البيانات وعرفها - البيانات والمعلومات الحكومية - بانها «المعلومات والبيانات الإلكترونية الخاصة بوحدات الجهاز الاداري 
للدولة».
اما المشرع الاماراتي فقد توسع في ذلك اذ نجده أكثر شمولية وتحديدا في تعريف البيانات الحكومية، اذ حددها بانها البيانات أو المعلومات الإلكترونية الخاصة أو العائدة إلى الحكومة - اتحادية كانت ام محلية- أو حتى هيئات أو مؤسسات عامة اتحادية أو محلية.
المشرع العراقي في مقترح قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية سار وبشكلٍ واضحٍ على خطى المشرع الاماراتي في تحديد وشمولية البيانات الحكومية محل الحماية الجنائية اذ عرفها بأنها «بيانات ومعلومات السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية الاتحادية وسلطات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم والهيئات المستقلة، ومن المُستحسن ذكر البيانات الحكومية في المجتمع الإلكتروني بنص خاص- كما فعل المشرع العراقي في مقترح القانون اعلاه- لأنها تمثل ثروة قومية للدولة وانتهاكها من قبل المجرمين يمثل اعتداءً حقيقيا على حقِ الدولةِ في المحافظة على ممتلكاتها
 وبياناتها.