أحلامُ العراقيين في الهجرة

اسرة ومجتمع 2019/02/22
...

بغداد/ لمياء نعمان
قبل أكثر من  اربعة عقود، كان العراقي يحصل على تأشيرة السفر لغرض السياحة والعلاج من مكاتب السفر والسياحة أو عن طريق السفارات الموجودة في بغداد بسهولة ويسر ودون مضايقة، اما الان يتطلع ويحلم العراقي بالهجرة لبلد أوروبي يمنحه اقامة وراتباً  وشقة وتأميناً صحياً. 
في السابق كان العراق من الدول الغنية ولا يحتاج برأيي أن يهاجر العراقي للبلدان الاجنبية، فيكفي ان الدينار العراقي يعادل 3 دولارات وربع الدولار، هذا ما كان عليه  في الثمانينيات من القرن الماضي ،وكانت الدول تتحين الفرص لتستثمر في بلدنا للحصول على ثرواته.
ومع اشتداد الحصار ابان التسعينيات وتعالي الأصوات وكتم الأنفاس بدأت الهجرة، واشتدت أكثر بعد  2003 خاصة بعد الاقتتال الطائفي والقتل على الهوية،ويبدو أن أحلام العراقيين كما أوضح المهاجر ظافر العبودي المقيم في السويد هي الحصول على الاقامة والاستقرار في السويد بعدما تم رفضه لثلاث مرات وهو يواجه الترحيل والرجوع للعراق ،اذ قال “بعت قطعة الارض وأغراض البيت  وما املك ولم يتبق سوى راتبي التقاعدي، لذا ليس لدي شيء في العراق ولقد هاجرت وعائلتي عبر تركيا والمحيط ورأينا أهوال الموت ، ولم اعد افكر بجمال أوروبا وطبيعتها الخلابة بل اتطلع إلى قبول (قضيتي) لاستقر في قلب أوروبا وفي بلد يوفر لي الامان 
والراحة”.
إما من يبحثون عن الهجرة الرسمية عن طريق الـ(UN) كلاجئين وعبر مقراتها في سوريا وتركيا والقاهرة وعمان  فقد تم قبولهم في بعض دول العالم واستوطنوا فيها وحصلوا على مبتغاهم في العيش الرغيد والحصول على مكتسبات ومنافع مثل الراتب والشقة والتعليم  والتأمين الصحي  وبعد 4 أو 5 سنوات حصلوا على الجنسيات الأجنبية، لكن بعضهم بدأ يشعر بالحنين للوطن وجاء للعراق لزيارة الأهل 
والأصدقاء.
بعض المتقدمين لدى دوائر الهجرة في(UN) لم تكن قضاياهم مقنعة فتم رفضها وهذا ما يحصل لمن قدم لأميركا فقد تم تجميد  أو رفض الطلبات على الرغم من الموافقة على القضايا المقدمة، لذا فالعراقيون في عمان وتركيا ومن قدموا لأميركا قد أصبحت أحلامهم مستحيلة للوصول إلى جنة الأحلام  أميركا، كما يعتقدون، ولم تعد توافق المانيا بعد ضغوطات  دولية على استقبال اللاجئين من العراق وسوريا وافريقيا بسبب مخاوف طرحتها أطراف ألمانية وأوروبية، والذي يود الاستقرار في ألمانيا عليه تقديم قضية مقنعة، كما تشير شيماء نصر مهاجرة  في برلين، اذ تقول “علينا تقديم قضية مقنعة لدائرة الهجرة وقدمنا لكن تم رفض قضيتنا وللمرة الثانية على الرغم من سماحهم لنا بالدراسة ولكن سحبوا منا المساعدات  وننتظر موافقتهم على بقائنا واستكمال حياتنا هنا، فأولادنا تعلموا الألمانية ويدرسون في مدارسهم، وهم متفوقون وفرحون بحياتهم بسبب الرعاية والاهتمام لهم، لذا نحن قلقون من ترحيلنا وأطفالنا لا يحبذون الرجوع للعراق وهم يفضلون العيش مع عائلة ألمانية على أن يتم ترحيلهم للعراق” ، وتقول بحزن “... ربما تنتهي أحلامنا في العيش بسلام وامان  واستقرار  في ألمانيا وبصراحة لم نعد نكترث بجمال المدن الألمانية بل الذي يهمنا هو قبولنا للحصول على الاقامة وهي صعبة، خاصة بعد اقامتنا لأكثر من 3سنوات وبعد ما شاهدنا الموت بأعيننا ونحن نعبر المحيط وبقارب بسيط من تركيا لليونان واوروبا ومن ثم ألمانيا” وتحدثنا ماجدة نجم عن المغتربين الذين عاشوا لعقود من الزمن في أوروبا وأميركا وكندا وفرنسا فتقول “بعد حصول العراقي على الجنسية يبدأ بالشعور بالاغتراب والحنين  وأكثرهم  لم يستطيعوا القدوم للعراق ابان النظام السابق، الان يمكنه الطيران والقدوم لبلده الأم ،  وهذه   ليست  القضية، فالكثير منهم حصلوا على المناصب والمنافع والمكتسبات المالية والنفعية وحصلوا على حقوق الفصل السياسي ورواتب تقاعدية  بعدما اثبتوا ظلم النظام السابق لهم حتى لو كان بالتزوير ، لذا فبعض المهاجرين والمغتربين العراقيين يحلمون أحلاماً عكسية للرجوع للعراق والعيش مجدداً في كنف التربة العراقية الزكية والحصول على ما لم يكن في الحسبان من منافع وعيش رغيد”.