ثقافة الأطراف

آراء 2021/07/18
...

 زهير الجبوري 
 تفرض المرحلة الجديدة التي فرزت الكثير من الخلافات في التوجهات الفكرية والعرقية، ما يسمى بـ «ثقافة الأطراف» التي طرحها المفكر (مارك بيليس) في كتابه «انثروبولوجيا العولمة»، والتي تعتمد على مفهوم التجانس، وفي هذه الحالة يكون توجهات كل جهة تعمل على تقديم مشروعها السياسي او الفكري، على درجة كبيرة من التوازن الذي يفرض قناعة شاملة لدى الجميع «الأطراف الأخرى»
ولعل السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه «ما الذي يجعلنا نقترب في طرح هكذا فكرة في وقتنا الحالي..؟»، الجواب بكليته ينطوي على صراع وجودي في خضم الجدل السياسي الذي افرزته المرحلة الحالية في العراق، بمعنى ثمّة معادل موضوعي فرضته الساحة العراقية في السنوات الأخيرة بين السلطة بوصفها صاحبة القرار في مصائر المجتمع، والشعب الذي اختار السلطة، ومع اعتراف صريح لأهم القادة بأننا لم نوفر ما يمكن توفيره للشعب، فإن الشعب انتفض وكانت هناك انتفاضات صغيرة واخرى كبيرة كانتفاضة تشرين 2019، وهذا واضح للعيان.
إنَّ الملفت للنظر في أيامنا هذه ظهور اصوات من طبقة المجتمع العراقي ذات السمة الشعبية، وكانت بعض وسائل الاتصال «الفضائيات» تتقصد في ظهور هذه الأصوات، التي هي في تصنيفات علم الاجتماع تسمى بـ«الهامشية» لتطرح فكرتها وموضوعتها التي هي من صلب فواجعنا المتكررة، مع طريقة كلامية غير متناسقة أو باسلوب غير ملائم للخروج في «الميديا»، لكن المتلقي يقبل اية وسيلة طرح من خلال النتائج المؤلمة او الفواجع المتكررة، اضافة الى ذلك وجود مواجهة بين هذه الطبقة «الشعبية» والطبقة السياسية، كاستضافة رجل من أعضاء مجلس النواب، ولعل أغلب المجتمع العراقي يشاهد ذلك، وبغض النظر عن سياسة كل فضائية أو اي وسيلة أعلام اخرى، فان ثقافة الحوار لم تكن بموازاة علمية تجريدية في صياغة المعلومة أو في تقبلها والرد عليها بشكل يليق نسقياً، وهنا يمكن مسك جدل الموضوع الذي نحن بصدده بأن «ثقافة الأطراف» هي ذاتها ثقافة المرحلة التي افرزتها الوقائع والاضطرابات، والاّ كيف يمكن أن نقارب بين استاذ جامعي له خبرة في الدرس الأكاديمي، أن يكون ضيفا في «قناة» معينة ونظيره عبر «النت» شاب منتفض كادح ليس لديه خبرة في الكلام، في حياة ما بعد سقوط الآيديولوجيا، يمكن ان يكون ذلك، وهي نتيجة طبيعية، ولكل واحد ثقافته الخاصة.