توقيع كتاب (المفتاح في قلب الرمال) للكاتب صباح علال زاير

ثقافة 2021/07/25
...

 القاهرة: اسراء خليفة 
 
على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، وقع الكاتب والإعلامي الدكتور صباح علال زاير كتابه (المفتاح في قلب الرمال) الذي صدر عن دار أروقة للدراسات والترجمة والنشر في مصر وذلك في مقر (اتيليه القاهرة) بحضور نخبة من الكتاب والأدباء والإعلاميين العراقيين والعرب، وقدمت الفعالية الدكتورة منال العارف كبيرة مذيعي إذاعة صوت العرب.
وفي بداية الأمسية شرحت العارف أهم محطات الإعلامي الدكتور صباح علال زاير وطريقة كتابة يومياته التي أثرت فيه وشغلت اهتمامه بتفاصيل حياته التي مرَّ بها وقام بتدوين أهمها، لا سيما ما يتعلق منها بالأهل والمعارف، مثل (الأم والأب والأخت والأخ والأصدقاء والفنانين)، فضلاً عن كتاباته الصحفيَّة، وأشارت العارف الى الطريقة السلسة التي تناول فيها زاير الأحداث التي يشعر المتلقي بالمتعة أثناء قراءتها.
بعدها تحدث زاير  عن تجربته في الكتابة الصحفيَّة من خلال طريقته الأدبيَّة في السرد، وعن تدوينه أحداثاً حقيقيَّة مرَّ بها وتجربته الحياتية والأماكن التي تربى وعاش فيها وجميع من أثروا فيه طوال مسيرته، كذلك تواصله المستمر مع الأشخاص الذين كتب عنهم.
وتطرق زاير الى عنوان الكتاب (المفتاح في قلب الرمال) الذي  يخص معاناة أحد اخوته وقصة الحب التي عاشها في مطلع شبابه.
بعدها قدم الناقد والشاعر إبراهيم موسى النحاس نقداً عن الكتاب، قال فيه إنَّ كتابات الدكتور صباح علال زاير هي عبارة عن جنس للمقال الصحفي المكتوب بطريقة أدبيَّة، وايضاً نجد العنوان المراوغ في (مدرس مصري سرقنا) لنكتشف أنَّ المقال بالكامل حول حبه لمدرس الرياضيات الأستاذ ثروت، ومن حبه له الحق صورته في ملحق الصور الخاص بالكتاب.
وأضاف النحاس أنَّ عنصر الحنين لدى الكاتب نلمسه داخل الكتاب في أكثر من موقع وهو مرتبطٌ بالواقع الذي تلوذ به ذاته المبدعة والذي ممكن أنْ ترفضه الذات أو تتحفظ عليه من خلال لجوئه الى الطفولة وذكرياتها والأهل والأحباب والمواقف المختلفة بمثابة المتنفس للذات في مواجهة الواقع الحالي بالرغم من الشجن الواضح فيها، كما في حداد النخيل وهذا فمي فأين خدك، حيث نجد براعة السرد الذي يهتم بذكر التفاصيل الدقيقة التي يضفي عليها أبعاداً درامية، مما يجعلنا أمام كاتب قادر على كتابة فن الرواية باقتدار كما أنَّ الحقل الدلالي الذي يسير إليه الكاتب مهمٌ جداً جعل جميع العناوين متناسقة ومتسلسلة في الكتاب.
ولفت الناقد النحاس إلى أنَّ الكتاب يتناول القضايا الكلية في مجتمعنا، مثلاً تناول التربية الخاطئة القائمة على القسوة في (أبي كانت عصاته تؤلمني)، كما تناول ظاهرة العادات والتقاليد والممارسات السيئة في (كان ذلك هو أخي الذي رمى مفتاح قلبه في الرمال)، في حين كشف الكاتب الآثار النفسية للحروب في (أنين في اربد)، وعن قصة شقيقه الأكبر الشهيد في حرب إيران، والآخر الذي اغتالته قوى الإرهاب والضلالة، وحكاية أم مسير وهي تنتظر ولدها الأسير في مشهد يقطع القلب، والحقيقة أنَّ الآثار النفسيَّة للحروب في العراق لا بُدَّ أنْ تكون بشأنها  دراسة نقديَّة شاملة، وقد بدأت مع بعض الكتاب مثل الراحل خضير ميري وماجد موجد، فالكاتب يحب الحياة والرومانسيَّة والشعر، والحروب تؤدي للدمار والقتل لصالح فئة لا تقدر مشاعر الآخرين.
أما الكاتب والروائي عبد الرحمن الرياني فقال عن (المفتاح في قلب الرمال) إنه محاولة لإبراز السمات الرئيسة له فالمجال هنا لا يتسع ولا يسمح بالمرور على بقية النصوص تفصيلاً، فالكتاب بحجمه الصغير وورقه المحدود يحتاج إلى كثير من الوقت  لاستعراضه والإلمام بتفاصيله وهذا الأمر نادر الحدوث فكل نص من نصوص الكتاب يحتاج قراءة متأنية تجعلك تفرد لها مساحات وهو في هذه الحالة يختلف عن كتب أخرى ربما أحجامها كبيرة وصفحاتها تفوق صفحاته بأضعاف، لسبب رئيس وعامل مهم وهو أنَّ محتوى الكتاب حالة اختصار لعناوين عريضة تشكلت خلال أكثر من نصف قرن، ولهذا فإنَّ ما سيتم تناوله هو تكنيك الكتاب وعمقه الفلسفي وفق ما تقتضيه ضرورة اختزال بين دفتيه أساليب متنوعة من الكتابة ما بين الكتابة الصحفيَّة بأداتها المتمثلة في التحقيق القائم على السرد الصحفي وهو نوعٌ من الكتابة الصحفيَّة يعمد من خلالها الكاتب إلى سرد الموضوع من خلال اسلوب أدبي رفيع يعتمد إلى تحويل المادة كما لوكانت قصة قصيرة، أما التحقيق الصحفي القصصي فإنه النوع الثامن من فنون التحقيق، السيرة الذاتية بشكلها الواقعي الشبيه بحالة مصالحة مع النفس، التحقيق الاستقصائي الصحفي المكتوب ايضاً بلغة 
القصة.
وأضاف أنَّ هذا  النوع الراقي والممتع المتعدد في فنون الكتابة يجبرك، بما يحمل من أدوات ومفردات التشويق المستخدمه بعناية وبعفوية، أنْ تنحاز للنص وتمضي في القراءة، ومن النص الأول لا تتوقف  إلا عندما تصل إلى ملحق الصور لتكتشف أنك تريد إعادة القراءة مرات ومرات أخرى.. السبب في ذلك يعود إلى كثافة المشاهد والأحداث.
ولفت الرياني إلى أنَّ النص المحتوى بين دفتي الكتاب يستحق القراءة وإعادة القراءة مرات عدة لكثافة المفردات والوقائع والأحداث التي تكفي أنْ تتحول بعضها إلى رواية، إذ إنَّ قدرة الكاتب على التعامل بسلاسة مع المفردات وتصوير المكان والحدث والانتقال الهادئ الذكي بدون تكلّف أو تصّنع تجعلك تشعر أنك أمام كاتب يجيد مهنته كصحافي محترف ويجيد الكتابة بالأسلوب الأدبي القصصي المشّوق.
من جانبه قال الشاعر والقاص وضاح اليمن عبد القادر إنه من خلال تصفحه لكتاب (المفتاح في قلب الرمال) استحضر العراق بكل تفاصيله وثقله الحضاري والإنساني ومتلازمة الوجع العراقي، كما هو حال اليوم وقد اعتمد الكاتب على ذاكرة الآخر في حرفية عالية حتى يجعلك تعتقد أنه عاش تفاصيل تلك اللحظات من خلال قدرته على رصد تفاصيل صغيرة تستدرجك الى زمان ومكان الحدث لتجد نفسك عالقاً لتلك اللحظة مثل نص (أختي زكية) يجعلك تقاسم الكاتب ذلك الوجع.
كما أنَّ الكتاب يتناول سنوات متفرقة عاشها الكاتب ورصدها بدقة وبتصوير دقيق حتى يجعلك تشعر أنك أمام قاص محترف أو فنان بصَري أو صحفي متمكن، ونجد أنفسنا أمام سرد سلس ينم عن حالة إبداعيَّة وانَّ نشره للكتاب يشير إلى شجاعة كبيرة للكاتب.
أما عناوين الكتاب فهي مختصرة وقد لا تتعدى كلمتين لكنها ملفتة للانتباه وتخلق تساؤلات وعناوين أخرى طويلة تجعلك أمام نص مختلف يجعلك تشعر أنَّ هناك عملاً مدهشاً لكل نص في الكتاب.
ولفت إلى أنَّ الكاتب يجعلنا نقف أمام حالة إبداعيَّة متشابكة ما بين السرد القصصي والقصة الصحفيَّة وما بين محطات يوميَّة كان الكاتب يعيشها، ففيها حالة الحب والشجن والحزن والألم تجدها في ثنايا هذا الكتاب في يوميات بسيطة ومدهشة وكأنَّ الوجد والحزن والشجن ولد ليكون عراقياً.
بعد ذلك عقب زاير على كل ما قاله النقاد في الأمسية ومن ثم كان هناك عددٌ من الأسئلة من قبل الحضور التي أجاب عليها  بصراحة ووضوح، ومن ثم تخلل الأمسية عددٌ من الأغاني والمقطوعات الموسيقيَّة من التراث العراقي للمطرب فاضل جعفر والموسيقي عمر.