اليوم العالمي للعلاقات العامة.. منحنى ما بعد المبادرة الأمميَّة

آراء 2021/07/25
...

 د.محمد وليد صالح 
إذ اتسعت المساحة المقرر منحها لممارسة العلاقات العامة الدولية بعد ذوبان جبال الجليد أمامها، مما جعل الحدث الاتصالي اليوم على مستوى العالم، هادفا إلى الاحتفاء بيوم عالمي بالتزامن مع ميلاد مؤسسها الكاتب والصحافي {إيفي لي} في السادس عشر من شهر تموز يوليو عام 1877 في ولاية كيدرتون الأميركية
صاحب المقولة الشهيرة التي نصت على {اني احاول ترجمة الدولارات والسنتات والأسهم والأرباح إلى لغة إنسانية}، مما دفع العالم للتذكير بأهمية علم العلاقات العامة الحديثة وجذب انتباه الجمهور إلى أساليبها العلمية في اطار منظومة الشفافية، وتحسين الصورة الذهنية والمسؤولية المجتمعية، فضلاً عن انطلاق المبادرة الأممية الأولى لجمعية العلاقات العامة العراقية {ايبرا} ورؤيتها بالمناسبة، عبر اللغات المعتمدة في الأمم المتحدة ومنها العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والصينية والاسبانية، في مجال استدامة عمل الوسائط الاتصالية لتعزيز التماسك المجتمعي وبناء السلام والحد من الصراع ومساعدة المجتمع في اثناء الأزمات، عن طريق المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والشركات التجارية ووسائل الإعلام والجمعيات العلمية المختصة في العديد من الدول العربية والأجنبية، شمل على دعم أساتذة العلاقات العامة وممارسيها في الجامعات وكليات الإعلام والعاملين في 
أقسامها. 
في عالم لا حدود له تزداد حدة المنافسة العالمية، إلى الحد الذي أدركت فيه البلدان هذا الترابط والحاجة إلى الانفتاح، وقد بدؤوا في إدراك قسرية المنافسة بينهم، والعمل على تنفيذ ستراتيجيات من شأنها أن تسهم في تحديد خصائصهم في الأسواق الخارجية وتعزيز سماتهم وادراجها. 
لقد غيرت العولمة العالم بشكل عميق ومعها العلاقات بين الدول، وأدت التحولات لا سيما في وسائل التكنولوجيا والاتصال والبث المباشر إلى ظهور سكان العالم بصرف النظر عن مكان وزمان تواجدهم، ليكونوا قادرين على الحركة بسهولة أكبر والانتقال إلى البلدان البعيدة، ومعرفة حكوماتهم وثقافاتهم ومنتجاتهم وخدماتهم، نتيجة لتنوع نشر المعلومات عن الأمم ومن ثم تعزيز التقارب بين 
الشعوب. 
فالعلامة التجارية للدولة كأداة تواصلية في ممارسة العلاقات العامة، بحسب {كريستيان باكيرو لازكانو} مدير الشبكة الأرجنتينية للعلاقات العامة والبروتوكول في اميركا اللاتينية، بأن هذا الوضع دفع العديد من الدول إلى القلق بشأن صورتها الخارجية، والشروع في تطوير إجراءات تهدف إلى زيادة التواصل فيما بينها وإعلام الرأي العام، وجذب الشركات والاستثمارات والسياحة، وتعزيز علاقات التعاون والثقة مع الدول الأخرى، وهكذا تنشأ طريقة جديدة للربط بين الدول والقارات. 
ويأتي الفاعلون الدوليون الجدد للعمل مع الدول على المسرح العالمي، وتصبح أداة مهمة للعلاقات العامة تسهم في نشرها وجعلها معروفة دولياً، وتسهيل الحوار بين الشعوب وتأدية دور ذي صلة في السياسة الخارجية للدولة، وفي ظل الظروف الجارية، يتم تشكيل العلامة التجارية الإقليمية للبلد كما لو كانت وحدات، من الموضوعات التي لها شخصيتها الخاصة، وتتحول إلى دعم مستقر لحساسية عالية، يُفهم على أنه مظلة كبيرة تساعد على إضافة قيمة التواصلية التي تحمل هذا الاسم الجغرافي في أذهان 
الجمهور. 
والإدارة السليمة لصورة العلامة التجارية للدولة ستكون بمثابة دعم مهم لتحديد الهوية الإقليمية والدولية لسكانها ومنتجاتها وخدماتها وشركاتها ومؤسساتها، وتصدير السلع والخدمات وجذب الاستثمار الأجنبي والبنية التحتية والأزياء والسياحة والثقافة، وأي شيء آخر الحقيقة أو الاحتمالية التي يمكن اشتقاقها للإطار الجغرافي لبلد أو منطقة، مثل الجوانب التكنولوجية والعلمية من بين هذه الأمور، فضلاً عن تأثير صورة العلامة التجارية للدولة في خطاب الهوية، بمعنى أن هوية العلامة التجارية للدولة هي مفهوم مزدوج، لأنها مصممة من قبل بلد أو منطقة أو مدينة، ولكن يتم إدراكها وتقييمها بالضرورة من جمهورها الداخلي. 
وتعد العلامة التجارية للإقليم شبكة شديدة التعقيد من المتطلبات والجهات الفاعلة والسمات، نظرًا لأنها علامة تجارية تتكون من عوامل عدة يتفاعل في إسقاطها وكلاء سياسيون واقتصاديون واجتماعيون، إنه نظام إشارات متعدد الأهداف يحتوي على عدد من الطلبات أكبر بشكل لا نهائي من العلامات التجارية، يعمل على الاستجابة للتطلعات والتوقعات الاتصالية ذات الطابع المؤسسي والتجاري والسياسي والثقافي والسياحي في سياقات متنوعة 
ومتقلبة. 
إذ تستند العلاقات العامة المرتبطة بالبلدان والعلامات التجارية إلى قضية أساسية، وهي العلاقة القائمة بين الأماكن وتنفيذ ستراتيجيات الاتصال التي تضعهم في وضع الميزة النسبية 
والتنافسية. 
ما أشرنا إليه هو مجرد واحد من المجالات اللانهائية الجديدة التي تنفتح على محترفي العلاقات العامة اليوم، في عالم متحرك يظل موضوع الدراسة العلمية للعلاقات العامة متغيرا وبتطور مستمر يواكب حالة الحداثة الرقمية والتسويق الشبكي وتقانات الذكاء الاصطناعي، ولكن نشاطها الممنهج يجب أن تتم دراسته بلا هوادة من وجهات نظر جديدة ومبتكرة، لاسيما ان ميثاق شرف العلاقات العامة المستمد من ميثاق الأمم المتحدة، من أجل مدّ أواصر التعاون والعمل لتأسيس كيان عربي إقليمي للعلاقات العامة وثم التوسع لكيان دولي 
عالمي. 
وأصبحت علم الحياة وعلم المستقبل ولا تستغن عنها أي مؤسسة في العالم، وهي أداة كتابية ومرئية ومسموعة فاعلة عالمياً للتوسط بين الحكومات والشعوب لقيادتها، لأن الدعاية للمؤسسة لا تجدي ما لم تدعم الأقوال أفعال، وهذا يأتي من طريق التفاوض لتعزيز الجهود وتعميق التوجهات البحثية والدراسات والتدريب في هذا المجال الحيوي لأهميته داخلياً وخارجياً لكل دولة، وان حوكمة العلاقات العامة وارتباطها مع مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية، جعلها ظاهرة متعددة الوسائل 
والأهداف.