كيف نمنع تكرار الحرائق في المستشفيات؟

آراء 2021/07/31
...

 ماجدعبدالحميد الحمداني 
الحريق الذي التهم كرفانات مستشفى النقاء في الناصرية الخاص بمرضى كوفيد - 19 هو ليس الاول كما هو معروف، والاهم كيف نجعله الأخير، لكن الأكثر أهمية بعد كل ما جرى هو كيف نجعل من هذه الحادثة أو الحوادث انعطافة إيجابية في الاصلاح السياسي والاداري؟ وهل تستطيع الحكومة لوحدها القيام بذلك؟
 
 بالطبع كلا لن تستطيع جهة سياسية لوحدها بما فيها الحكومة التنفيذية أن تقوم بذلك، بسبب الأخطاء التراكمية السلبية، التي تستلزم جهدا استثنائيا ووقتا طويلا، وهذا ما يتعلق بالمعالجات الجذرية. أما المعالجات الآنية فتحتاج كما يقال الى نكران ذات من قبل جميع الكتل والأحزاب المشتركة في العملية السياسية بشكل حقيقي، وليس على مبدأ خطوة للأمام وخطوات للوراء، منها اعطاء صلاحيات ومساندة في الوقت نفسه للحكومة التنفيذية للتحرك بشكل مدروس وسريع، إضافة لمساندة مجلس النواب بلجانه التي تضم العديد من الكفاءات التي تتطلب تنشيطًا سياسيا بالدرجة الأولى، وليكن القطاع الصحي كأولوية في المعالجة، فمثلا الغاء جميع المستشفيات الكرفانية في البلد وقبل القيام بتلك الخطوة، على وزارة الصحة بالتعاون مع الدفاع المدني والقيام باستقدام مفارز مع سيارة اطفاء توزع كل مفرزة بين المستشفيات لحين تهيئة او تكملة المستشفيات، التي تأخر انجازها أو لحين بناء ردهات مناسبة، واذا استوجب الأمر ان يناط توزيع قناني الاوكسجين بحوزة الدفاع المدني عن طريق الاشراف من قبلهم على خزنها بشكل صحيح بقاعة او مخزن خارج المستشفيات، ويجري تسليمها الى مخولين متخصصين في هذا المجال، وهكذا فالحلول نجدها كثيرة. لكن المشكلة أن العمل لتذليل العقبات في هذا الاتجاه متذبذب، فيفترض ان تكون الادارات كفوءة وكذلك يفترض ان يكون الاشخاص الذين يتولون إدارة اي مستشفى هم من افضل الملاكات الطبية العاملة ليس من الناحية الطبية فقط، بل من الناحية الادارية أيضًا.
ومن جانب آخر تستطيع وزارة الصحة الاستعانة بالخبرات الاجنبية في هذا المجال وان تكون تلك الاستعانة في حدود تعزيز وتدريب جانب السلامة في المؤسسات الصحية، فضلا عن ابعاد التدخلات غير المهنية في عمل تلك المؤسسات، وتأمين الحماية للملاكات الطبية، مع تفعيل دور افراد الأَمن الصحي بشكل أكثر فعالية لمتابعة ومراقبة تطبيق التعليمات، لاسيما في ما يتعلق بتحديد عدد المرافقين، مثلاً فالاستعانة بالكاميرات في متابعة وضبط عملية دخول الزائرين للمستشفيات أمر في غاية الأهمية، لذا فان سلامة الاجراءات الصحية تقع بنسبة 90 % على الادارات علاوةً على فرق التفتيش التابعة للوزارة ودورها الرقابي في المتابعة والتقييم السليم لعمل المؤسسات الصحية، وهناك قضية ايضا في غاية الأهمية وهي كيفية استعادة ثقة المواطن بالمستشفيات بعد تكرار هذه الحوادث المأساوية، سواء كانت كرفانية او غيرها وهذا كله مرهون بالإجراءات العملية التي ايضا تتطلب فترة من الاختبار الزمني.. ولا ننسى أن استمرار الاستهتار بالاجراءات الوقائية من قبل البعض أثر سلبا في المؤسسات الصحية، من خلال زيادة عديد المصابين على حساب القدرة الاستيعابية للمستشفيات والاستخفاف بالتوصيات الوقائية وعدم الالتزام بها. فقاعات المناسبات في الواقع لا تزال أغلبها مفتوحة في كل مكان، لاسيما في المحافظات وليس هنالك تحرك سريع لمحاسبة المخالفين، وهناك شواهد كثيرة على الاستهتار بالاجراءات الوقائية. للأسف ترتكب في أرقى الامكنة والمناطق وعلى مرأى الجميع والخطأ الأكبر معالجة الامر بالحظر الشامل، الذي ثبت ضرره أكثر من نفعه والحديث هنا يطول. 
واخيراً الحل هو في تغيير منظومة العمل باجمعها وليس تغيير الأشخاص فقط، وهذا يحتاج لملاكات ذات خبرة وحكمة وقرارات جريئة عابرة للطائفية والمحاصصة، وإلا سيجر الخطأ اخطاء والأخطاء ستورث كوارث لها اول وليس لها آخر- لا سمح الله-.