كواليس أزمة الكهرباء

آراء 2021/07/31
...

 بشير خزعل 
 مع بداية كل فصل صيف في العراق يثور الرأي العام العراقي على ازمة الطاقة وما تخلفه من اضرار كثيرة ومتنوعة، فبالرغم من تكرار هذا المشهد على مدى 18 عاما مضت، اصبحت سخرية مشكلة الكهرباء غير قابلة للتصديق من قبل ابسط مواطن عراقي، فهي ليس بالمعضلة المستعصية، ففي الجوار الاقليمي للعراق دول لا تملك اي مصدر من مصادر الطاقة، لكنها لا تعاني من نقص الكهرباء،
 
 وبالرغم من تضارب التصريحات حول حجم الأموال التي أنفقتها الحكومات العراقية على منظومة الطاقة الكهربائية بعد العام 2003، فهي تعد ارقاما فلكية هائلة، تصريحات لاعضاء في لجنتي الطاقة والنزاهة النيابيتين تشير إلى حصر قيمة تلك المبالغ بين 60 - 80 مليار دولار أميركي، وهي ارقام كبيرة تكفي لاعادة بناء منظومة الكهرباء في العراق من جنوبه الى شماله، بعض البرلمانيين والسياسيين اكدوا ان سبب ضياع تلك الأموال هو شبهات الفساد التي رافقت عملية صرفها، فاكثر من 65 مليار دولار انفقت على الطاقة الكهربائية خلال السنوات السابقة، لكنها ما زالت اكثر من سيئة، ولعدم فائدة الخوض في الماضي يبقى السؤال الملح لدى العرقيين جميعا، متى تتهي ازمة الطاقة في العراق؟ ليرتاح الناس في بيوتهم، وينتعش القطاع الخاص، وتقل تكاليف الانتاج، وترخص الاسعار، وتهدأ النفوس، ويقل تلوث البيئة، وتسر الابصار بالخضرة والاشجار، بدلا من الشبكة العنكبوتية المقرفة لاسلاك المولدات الاهلية، التي تلف الشوارع والاحياء والازقة وتنفث بسمومها ليل نهار على رؤوس العباد، بعض المراقبين والباحثين ادعوا أن أزمة الكهرباء أصلها سياسي وترتبط بعوامل خارجية لا تريد للعراق ان يصبح دولة مستقرة، فمشكلة الكهرباء اصبحت أزمة سيادية تعطل كل مرافق الحياة، وتكرار مشهد الاحتجاجات في كل صيف للمطالبة بحل الازمة، وغياب الحلول الجذرية قد ينذر بعواقب وخيمة يمكن أن ينفلت زمامها في أي لحظة، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس الألمانية (جو كيزر) صرح في مقابلة خاصة أجرتها معه القناة الألمانية {دويتشه فيله} (DW) عام 2018، أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان له دور في محاولة عرقلة اتفاق الشركة مع الحكومة العراقية والدفع باتجاه منح الصفقة بالكامل لشركة جنرال إلكتريك الأميركية، حيث بلغ التنافس أشده بين الشركتين في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي للحصول على عقود قيمتها 14 مليار دولار، وفي ذلك الوقت كانت شركة (سيمنز) تمني النفس بالحصول عليها لتأهيل الشبكة الكهربائية في العراق. لكن المنافس الاميركي عطل عملها لاسباب لا يعلمها الا الراسخون في كواليس الحكومة، قبل فوات الاوان على الدولة العراقية ان تحسم امرها وتحسم صراع الشركات الاجنبية وصراع الارادات السياسية وتحل مشكلة الكهرباء، فلم تعد التبريرات والتصريحات تلقى أي قبول ولااحد يرغب في سماعها او الالتفات اليها واستمرار الازمة سيولد ضغطا هائلا يؤدي الى الانفجار.