عمالة الأطفال ونقطة الضوء

آراء 2021/07/31
...

  ابراهيم سبتي
تكثر عمالة الاطفال وتنتشر في مهن مختلفة، جراء تردي الاوضاع الاقتصادية والنزاعات والحروب التي تمرّ بأي بلد حول العالم، في العراق نجد ان الاطفال دون سن 15 عاما يعملون في مهن شاقة واخرى مختلفة، لإعالة أسرهم، التي فقدت معيلها الوحيد جراء الارهاب او تلك التي فرضت عليها جائحة كورونا التقيد بالحظر ربما، او الاصابة التي تعيق رب العمل عن مزاولة عمله او الظروف الاخرى التي تمنع الاب من كسب رزقه، فيضطر الطفل الانابة عن معيله في العمل.
 
وحسب آخر بيان لوزارة التخطيط العراقية، قالت بأن نسبة عمالة الاطفال في العراق قد انخفضت بسبب التوجه الى المدارس وترك العمل. وربما يلقي هذا البيان رشقة امل كبيرة ونقطة ضوء منيرة في الواقع العراقي، حين يتجه الطفل الى مقاعد الدراسة، بدلا من مزاولة الاعمال الشاقة احيانا او تلك الاعمال، التي تتطلب وجودا دائما في الشوارع فيقع الطفل ضحية يدفع ثمنها كل حياته ويضيع في متاهات المجهول الذي يفقده مستقبله بالتأكيد حينئذ لا ينفع الندم. ان انخفاض عمالة الاطفال خطوة تبقى بحاجة الى تعزيزها بخطوات اخرى ترغّب الطفل بالمدرسة ومنع تسربه منها، اهمها صرف منحة مالية بسيطة لكل طالب او تلميذ وهو ما اقره مجلس النواب العراقي في عام 2013، وظل معلقا من دون تطبيق والذي تضمن صرف منحة مالية شهرية للتلاميذ والطلاب في المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية الحكومية والمدارس التابعة إلى دواوين الأوقاف والشؤون الدينية. ومن شأنه زيادة نسبة التحاق التلاميذ والطلاب في المدارس والحد من ظاهرة التسرب وتحسين دخل الأسرة، التي قد تكون محتاجة هذه المنحة وخاصة ان كان لديها اكثر من دارس. وان تعذر ذلك يمكن كفالة الطالب اليتيم من قبل المدرسة طيلة الاعوام الدراسية لحين انتقاله الى مرحلة اخرى، اضافة الى توفير الاجواء الصحية والتعليمية الصحيحة. انها بلا شك ستخفف كثيرا عن كاهل الأسر الفقيرة التي تمتلك حجة قوية في توجيه ابنها للعمل لسد حاجاته وحاجات اسرته. لقد عانى المجتمع العراقي طيلة العقود الماضية من انتكاسات اقتصادية وامنية في زمن النظام السابق ظلت مستمرة حتى بعد عام 2003، حين ضرب الارهاب البلد فتضررت الكثير من الأسر بفقدان معيلها الوحيد جراء الانفجارات او استباحة المدن او القتل العشوائي. وبررت المنظمات الانسانية كثرة العمالة في العراق الى تلك الظروف الامنية والنزاعات والحالة الاقتصادية القاسية التي مرّت بالعراق، والتي منعت ربما من تنفيذ خطط الاصلاح والانتعاش للأسر التي فقدت معيلها، رغم ان الدولة كفلت لاولئك الذين سقطوا من العمليات الارهابية، حقوقا لأسرهم. وبحسب اخر تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) في التاسع من حزيران 2021، فقد بلغ عدد الأطفال العاملين في أنحاء العالم خلال الأربع سنوات الماضيّة 160 مليون طفل، وهو رقم كبير قياسا بأعداد العاملين البالغين. وعندما نركز في هذا الرقم جليا، سنجده في الدول التي حدثت فيها ازمات اقتصادية وظروف امنية وحروب ونزاعات. وعودة الى بيان وزارة التخطيط الاخير، سيكون حافزا للعمل على تعزيز خطوة انخفاض عمالة الاطفال في العراق، من خلال التحرك البرلماني والحكومي لايقاف تسرب الطلبة من مقاعد الدراسة والحفاظ قدر المستطاع على عدم فقدان هؤلاء الطلبة لمستقبلهم الذي تحدده المدرسة اولا واخيرا. واذا عرفنا بأن لجنة حقوق الانسان في البرلمان العراقي قد طالبت مؤخرا، بمنع وايقاف عمالة الأطفال في العراق وطالبت الحكومة والبرلمان على حد سواء بإيقاف ومنع استغلال الأطفال في مهن شاقة، وذلك من خلال إصدار قرارات ملزمة بهذا الشأن. مؤكد انها ستساعد على ازاحة كابوس المجهول الذي يلازم هؤلاء الاطفال، حين لم يجدوا رعاية تشملهم او حتى قوانين العمل لا تقترب منهم لانهم شريحة دون السن القانونية، التي لم تشمل باي فقرات قانونية لحمايتهم، بسبب ان هذا السن يجب عليه الاستمرار في الدراسة.