هل الديمقراطية نهاية المطاف؟

آراء 2021/07/31
...

  سلام مكي
الديمقراطية، كفكرة وجدت بالأصل كحل ومعالجة لمشكلة تتمثل بين ضرورة أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، وبين استحالة تحقق ذلك في ظل عدم إمكانية تولي الشعب، بمجموعه مسؤولية حكم نفسه وممارسة جميع أشكال الحكم. لذلك، ظهرت فكرة الحكم بالنيابة، بمعنى أن يخول الشعب من ينوب عنه في الحكم، وبهذا المعنى يتحقق مبدأ حكم الشعب لنفسه. والديمقراطية بأبسط تعريفاتها حكم الشعب لنفسه.
وهذا الحكم يتمثل بمجلس يتكون من نواب ينتخبهم الشعب ويختارهم ليحكموا بدلا منه. واختلفت الأفكار بين رقابة الشعب على نوابه، فمن تلك الأفكار والآراء هو أن بمجرد قيام النائب بالانحراف عن دوره النيابي، فإن الشعب يمكنه عزله، وآراء أخرى رأت أن الانتخابات هي الطريقة الوحيدة لمعاقبة النائب غير الملتزم بحدود نيابته. والغرض من حكم الشعب لنفسه، هو تحقيق تطلعات الشعب وأهدافه وحاجاته، وضمان عدم استبداد السلطة، وانحرافها نحو الحكم الدكتاتوري الذي يعني بالضرورة عدم الالتفات لحقوق الشعب. وتطورت مفاهيم الديمقراطية نحو مزيد من التوسع نحو إضفاء الشرعية على السلطة التي تأتي عن طريق الانتخابات، والمجتمع الدولي، لا يمنح الاعتراف بأية سلطة تأتي عن طريق آخر. 
وبالرغم من قدم الديمقراطية وقدم الآراء التي طرحها روادها، إلا أن تطور الفكر السياسي وتعقد إدارة الدولة وتعدد المفاهيم والأسس، التي باتت تشكل أعمدة لإدارة الدول وتوجيهها نحو الاستقرار السياسي، ما زالت أعمدة الديمقراطية التقليدية والشكلية هي معيار مدى شرعية السلطة السياسية والحكومة، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، خصوصا في العالم الثالث الذي يأخذ من الديمقراطية ديكورها الخارجي فقط. فمتى ما حصلت انتخابات نيابية أو رئاسية، ومتى ما اعلنت النتائج، مع وجود أشخاص يمارسون الرقابة والاشراف على تلك الانتخابات ينتمون إلى منظمات دولية او اقليمية، فإن هذا يعد كافيا وفق مفاهيم القانوني الدولي للاعتراف بالسلطة التي تنبثق عن تلك الانتخابات، حتى لو شابها التزوير. الجانب الآخر والأهم من الديمقراطية والمغيب في العالم الثالث، هو مدى تحقق مصلحة الأفراد أولا، ومدى وجود مصلحة مباشرة لهم من خلال السعي لرفع المستوى المعيشي مثلا، وتوفير مقومات الحياة المختلفة، واستغلال الثروات الطبيعية بشكل قانوني وسليم، وتوزيعها بصورة وشفافة. هذه الأمور لا يبحث بها القانون الدولي، بقدر ما يبحث عن توفر الشكلية في تشكيل الحكومة والسلطة، باعتبار أن توفر تلك الشكلية هو البعد الوحيد لمنحها الشرعية الدولية، وتلك الشكلية متأتية من فكرة الديمقراطية لا غير. فهل تلك الفكرة هي نهاية المطاف؟ ألا يمكن وجود فكرة أخرى تناسب واقع حال الدول حديثة العهد بالديمقراطية الغربية أو على الأقل، استحداث ديمقراطية خاصة بتلك الدول، تسعى لتحقيق مصالح الأفراد قبل كل شيء، ويمكن منحها الشرعية الدولية، لأن الواقع يقول بأن الديمقراطية بفكرتها الحالية لا تحقق بالضرورة مصلحة الأفراد.