تغير الأسماك رأيها على اليابسة

ثقافة 2021/08/01
...

  بغداد: الصباح
 
صدر حديثا عن دار الرافدين للطبع والنشر والتوزيع المجموعة الشعرية (تغير الأسماك رأيها على اليابسة) للشاعر حسين المخزوني، جاءت المجموعة التي تضم 114 صفحة بـ (80) نصاً شعرياً تنوع بين القصير والطويل.
من عناوين النصوص في المجموعة الشعرية (أفكر مثل الماء ولا أجري، طوق نجاة على اليابسة، ما أنفقه الوقت الجاد على التسلية، سيرة أخرى للون الأحمر، مقطع عرضي للحضارة، غراب لجثث أخرى، وغيره).
وعنون المخزومي إهداء مجموعته الشعرية التي تزين غلافها بلوحة الفنان سنان حسين (إلى أمي نجوى حايف) وقال فيه: (نحن الشعراء المساكين المبللين بالمواجع/ ننشر نصوصنا/ كي تجف فقط). 
ويقول الشاعر في نص (مظلَّة لحماية النّيران): (النيران مثلنا/ تسكن البيوت التي تحرقها/ طالما لعبتُ مع أطفالها الصغار خارج المنزل/ لنبتكر التحولات بعد أي شيء نلمسه. / كانت أمي تُخمِدُني تماماً/ كلما تصاعَدَ دُخانٌ مِنّي/ بعد كل مشاجرةٍ مع أبناء الجيران/ كما تفعلين أنت كلما صرختُ عليكِ/ حافظي عليَّ مشتعلاً/ لا أعرف كم مرة نجوتُ منكِ / وكنتِ ماءً محقّقاً خبئيني تحت ثيابك/ بعيداً عن هذا العالم المؤمن بالانطفاء/ كما كنتُ أفعل أنا مع الحرائق/ وأخاف عليها من صوت سيارة الإطفاء. / لم يخدعْني النَّهرُ الذي أغرق أخي/ وإن تنكَّرَ بزي سيارة حمراء/ مذ حينها وأنا أدخن/ وأخدعك بالسجائر!/ أيها النَّهر لماذا أسرفت بالماء عليه/ لم يكن أخي سمكةً إلى هذا الحد/ أووه... ربما كان أخي شعلة كبيرة/ ليحتاج إلى كل هذا الماء ليطفئه). 
أما النص الشعري الذي بعنوان (سينما باراديسو) فيقول الشاعر في بعض منه: (أنا ذلك الطفل في «سينما باراديسو»/ أحب أن أرى القبلة بالأفلام/ بلا حذف/ وأنتظرُ ما يظهر من راقصة التزلج على الجليد / كلما ارتفعت تنورتها القصيرة/ وأجمعُ ما يتساقط من جسدها بعد كلّ قفزة/ وتتسخ يدي وملابسي/ بوحل اللمسة الأولى/ ولا تضربني أمي على فمي/ كلما شتمت أحدهم/ أو ركضت حافياً على سياجِ المدرسة..).  
ويقول في نص آخر بعنوان (بحث أركيولوجي في عظام قصيدة): (بعد آلاف الأعوام/ بينما هم ينقّبون عن الهواتف النقالة كقطع أثرية ثمينة/ يجدون هذا الهاتف تحت أكداس من التراب/ وبآلات تشبه الضوء/ يفتحون هاتفي على محادثتنا/ وبكثير من الريبة والفضول/ سينقِّبون عن عظامي بحذرٍ مراعاة للهشاشة/ تبحث عن أثرٍ لي/ فتاة جميلة بعينين واسعتين/ تبحث في قبري الذي انطمر بعيدا بفعل عوامل التعريّة والنسيان/ سيدخلون قفصي الصدريّ في المختبرات/ ليعرفوا كم مرَّة حطِّمه قلبي/ ويحلِّلون جمجمتي في الغالب/ لن يجدوا سوى فكرة/ أردت أن أقولها لك حين كنت تمشين معي/ بعد ألف عام/ لن يبقى مني شيء سوى هذا النصّ الذي أكتبه إليكِ الآن/ لا أحد سيعرف هذا/ إلا الفتاة الجميلة التي تنقّبُ عن هيكلي العظمي/ وحدها من ستتحرك عظامي لأجلها مرة أخرى/ لأنها ستكون من سلالتكِ).