معالجات الكسب غير المشروع في ضوء قانون هيئة النزاهة

آراء 2021/08/02
...

   آية خزعل 
 
في مطلع سنة 2021 أثارت قضية (ورق الحائط) جدلاً كبيراً في الوسط البريطاني، وملخص القضية قيام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسن بتجديد مقر اقامته الرئيس في لندن، اذ ترصد الحكومة مبلغاً معيناً بتجديد السكن لكل رئيس حكومة جديد، لكن الغريب هو أن المبالغ المصروفة على تجديد الشقة تفوق ثلاثة أضعاف المبلغ المرصود، وهنا بدأت التساؤلات في ما اذا قام بوريس جونسن باستغلال منصبه وتجاوز على أموال دافعي الضرائب والتبرعات، الامر الذي نفاه الاخير وأكد ان الفرق الحاصل في المبالغ قد دفعه من ماله الخاص، وعلى خلفية ذلك اعلنت هيئة الرقابة على الانفاق السياسي في بريطانيا فتح تحقيق رسمي للوقوف على صحة الادعاءات، والتساؤل الذي نطرحه هنا هو: هل توجد مثل هذه الرقابة في العراق؟ وهل يعطي القانون جهة معينة الحق في الرقابة على ذمم القائمين بالسلطة والمكلفين بخدمة عامة؟. 
وللإجابة على ذلك لا بد أن ننوه إلى أن العراق يمتلك أشكالاً رقابية متعددة، سواء كانت إدارية او برلمانية او قضائية وكذلك تمتلك هيئات مستقلة حق الرقابة الذي منحها لها القانون، ومن هذا المنطلق تجدر الإشارة الى ان البرلمان العراقي صادق في تشرين الاول عام 2019 على التعديل الاول لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم (30) لسنة (2019) ونُشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4568) الغرض منه مكافحة الفساد ومحاربة الكسب غير المشروع، اذ تضمنت المادة( 16) إلزام الموظفين والمكلفين بخدمة عامة اصالةً او وكالة تقديم اقرار عن الذمة المالية، حيث تولت الفقرة( اولاً) من المادة آنفة الذكر بيان الوظائف والمناصب، ولم تكتفِ بذلك انما اعطت الفقرة (ثانياً) الحق لهيئة النزاهة تكليف اي موظف او مكلف بخدمة عامة ترى ضرورة الكشف عن ذمته المالية، بناء على اخبار مقترنة بأدلة معتبرة بحدوث كسب غير مشروع في امواله، وللهيئة تكليف أي تنظيم سياسي او منظمة غير حكومية او اتحاد او نقابة او جمعية لإثبات مشروعية مصادر التمويل والتبرع واوجه الانفاق، وفقا للقواعد المتبعة في الصرف مع مراعاة انظمتها الداخلية، كما الزمت المادة (17) تقديم الاستمارة خلال ( 90) تسعين يوما من تاريخ توليه المكلف الوظيفة او المنصب وتاريخ انتهاء علاقته بهما، وخلال شهر كانون الثاني من كل سنة، يلتزم المكلف بالإجابة عن ملاحظات الهيئة خلال (60) ستين يوما من تاريخ اشعاره بها، ونتيجة لذلك يوقف صرف راتب المكلف ومخصصاته اذا لم يقدم الاستمارة خلال لمدد المذكورة انفاً، وتجدر الاشارة الى ان المادة (19) قد نصت على معاقبة من يمتنع عن تقديم الاستمارة دون عذر مشروع بالحبس مدة لا تزيد عن سنة، وبالسجن مدة لا تقل عن ( 7) سبع سنوات وبغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع كل مكلف من المذكورين في المادة ( 16/ اولا) عجز عن اثبات السبب المشروع للزيادة الكبيرة في امواله او اموال زوجه او اموال اولاده، بالحبس مدة لا تقل عن ( 3) ثلاث سنوات وبغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع كل شخص من غير المذكورين في البند ( 16/اولا) ثبت للمحكمة عدم مشروعية الزيادة في امواله، فالغاية من تشريع هذا القانون هي حماية المال العام ولإخضاع من يستغلون مناصبهم الوظيفية في الكسب غير المشروع للمساءلة القانونية ولضمان مشروعية مصادر تمويل المنظمات السياسية وغير الحكومية، ومع ذلك يبقى العراق بحاجة ماسة للمزيد من التشريعات والمعالجات، التي من شأنها الحد من آفة الفساد المالي التي باتت تهدد بُنية الدولة العراقية.