أي وطن نبني.. أي إعلام نريد؟

آراء 2021/08/02
...

   د. محمد وليد صالح 
(عندما نحدد أي وطن نبني نستطيع ان نحدد أي إعلام نريد) قالها الدكتور غازي العريضي وزير الإعلام اللبناني الأسبق في كتابه الموسوم بـ(إدارة الارهاب) 
فالجمهور المتعرض لوسائل الإعلام يواجه اليوم تحديات كبرى في أبعاد حياته اليومية المتنوعة سواء أكانت اقتصادية أم أمنية أم سياسية أم ثقافية أم اجتماعية، وعلى قمتها التحديات الفكرية في النتاج الإعلامي، بسبب غياب الوضوح في الرسالة الهادفة وتقوية وسائطها التي تتكيف مع طبيعة الجمهور العراقي واقناعهم بغرس الطمأنينة في نفوسهم. 
إذ يسعى الإعلام نحو منعطف إنساني جاد نستشرف المستقبل باستراتيجيات منهجية واعية، بعيداً عن تزييف الوعي والعقول وإدخال آفاق ابداعية جديدة لبلوغ محتوى الرسالة الإعلامية المشحونة بالموروث العراقي الأصيل لتأكيد مسارات التماسك المجتمعي وإظهار صورة الأقليات في المجتمع وصناعة الحياة على وفق رؤية علمية للشخصية العراقية، عبر تبني خطاب الدولة الإعلامي وفقاً للمسؤولية الاجتماعية، لإشاعة ثقافة مستنيرة ووعي متقدم في العراق. 
ان تبني ستراتيجية وطنية في التعامل مع قضايا الرأي العام ومشكلات المجتمع، يتطلب من وسائل الإعلام احترام الخصوصية الذاتية في مواجهة الأزمات، بوساطة ثقافة الحوار المتوازن بين سائر المكونات الاجتماعية لتنمية ثقافة التنوع الاجتماعي والثقافي بوصفها مصدر بناء مجتمعي لخلق بيئة مستقرة وبناء دولة مواطنة حقيقية، وعدم الاكتفاء بعرض وجهة نظر واحدة دون الأخرى، وهذا من شأنه تشويش ذهن المتلقي للرسالة الإعلامية والإخلال بتشكيلها. 
ان مبدأ احترام حرية التعبير كما نصت عليه الفقرة أولاً من المادة (38) من الدستور العراقي، والمادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولائحة قواعد البث الإعلامي التي اصدرتها هيئة الإعلام والاتصالات، يأتي في اطار معايير الدقة والتوازن واللياقة وعدم التمييز ونشر القيم الحضارية والإنسانية المستشفة من مبدأ المصلحة العامة، فضلاً عن تنظيم أشكال التعبير بما لا يسمح بالتحريض على العنف أو الكراهية واللاتسامح سواء أكان العرقي أم القومي أم الديني أم الفكري، وكل ما يؤدي إلى تغذية النزاعات والصراعات وصنع الأزمات في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء. 
إن أنسنة الرسالة الإعلامية وإرساء النهج الديمقراطي لبناء الدولة واستغلال مؤسساتها الإعلامية لمبدأ الحرية المكفول دستورياً، يحتاج إلى تخطيط وانتاج نشاط إعلامي هادف، لتحقيق أهداف وغايات اجتماعية مستوحاة من حاجة أفراد المجتمع الأساسية ومصالحهم، لتجذير البعد القيمي والمعرفي وكيفية الإسهام في إرساء قواعد الأمن الإنساني والاجتماعي لهم.