درع سلطة المستقبل

آراء 2021/08/02
...

    أ. د عامر حسن فياض
تهون العقبات على من يقدم على السير في دروب المعرفة ومسالك البحث العلمي عندما يتسلح بدرع المنهجية، 
اذ إن حصن المعلومات غير كاف لوحده في صناعة باحث في فروع وتخصصات المعرفة كافة. 
 
ولما كانت المعرفة سلطة المستقبل، فهي بحاجة الى انتاج واستخدام واحتكار ايجابي لخدمة الانسانية، والخادم الفعال هو الباحث، وتلك الفعالية ستكون غائبة عندما لا يمتلك طالب المعرفة وخادم العلم الطريق القويم والمنهج السليم. 
إن مغاليق الحياة العملية والعلمية تصدأ من دون مفتاح مصاحب لها دوما يفك قيودها، والمنهج هو المفتاح. 
كما ان المعلومات بفروع المعرفة الانسانية جميعا تترى وتتراكم وتحتاج الى منظم يحسن الاستقبال والاستيعاب والاحتواء والافادة من هذا الهطول المعلوماتي المتواصل، والمنهج هو هذا المنظم. 
وحامل المنهج مثله مثل حامل السيف في المعركة، لأن المنازلات العلمية بحاجة الى سلاح معرفي، والأخير هو المنهج، وفي السياسة وأدبياتها وممارستها بوصفها (علما ومهنة) على رأي عالم الاجتماع الالماني (ماكس ويبر) تحتاج الى المنهج، ومن دونه ستخرج الكتابات السياسية من حقل العلوم وتشيع الفوضى ويتمدد الخراب في مهنة السياسة. 
والكتابات السياسية بمختلف ضروبها ( كتاب، بحث، مقالة، تقرير... الخ) تتوزع ما بين بعض يندرج ضمن دائرة العقلانية، والبقية الاخرى تذهب الى خارج سرب العقلانية، والمعيار المعتمد في عقلنة الكتابات هو المنهج. 
من هنا تتأتى الحاجة للمزيد من الكتابات التي تهتم بالمنهجية والمناهج. 
وبقدر ما هية كتابات نحتاجها، فأن الاقدام عليها مغامرة محفوفة بالمخاطر لا يتمكن منها سوى مغامر شجاع ينجز نتاجه المعرفي، ليصطف مع كتابات سبقته، واخرى ستلحقه، لان العلم ومنهجه لا نهاية لهما، والاكتفاء منها لا يمكن ان يكون اكتفاء مطلقا، بل نسبي طالما ان المعرفة سلطة المستقبل ولن يكون مقود قطار المستقبل الا بيد العارف المحصن بالمعلومة والمتدرع بالمنهج.