لم يكن ميسراً اللقاء به وهو منهمك في ترتيبات تسلم الرئيس الإيراني المنتخب ابراهيم رئيسي إضافة إلی انشغاله بوضع اللمسات الاخيرة علی التشكيلة الوزاريَّة المرتقبة مع الفريق المحيط بالرئيس، ناهيك عن التحديات الكثيرة التي تواجه الحكومة العتيدة بعد الوعود التي اعطاها الرئيس المنتخب لناخبيه ومناصريه وعموم الشعب لحل مشكلاتهم الاقتصادية والصحية والسياسية.
الرئيس المنتخب سيؤدي اليمين الدستورية يوم الخميس المقبل 5 آب بعد موافقة المرشد علی تنفيذ نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 18 حزيران الماضي.
لم يتحدث صديقي كثيراً ولم أطلب منه الحديث عن سياسة الرئيس المنتخب في المجال الداخلي لتعقيداتها وهي تموج في أمواج التيارات والشخصيات الحزبية والرسمية؛ لكني كنت مهتما بشأن سياسته الخارجية وعلاقات إيران مع المحيط الاقليمي والدولي. كنت أعرف الاطر العامة لهذه السياسة لكني رغبت أن أعرف أكثر ولا سيما أنَّ الكثير من التحديات الخارجية تواجه الحكومة الايرانية الجديدة والجميع ينتظر ما ستؤول اليه التطورات وماهو برنامج الرئيس الجديد بشأن الوضع في الاقليم، محور المقاومة، اسرائيل، الولايات المتحدة، الاتفاق النووي، مفاوضات فيينا، الصين.
صديقي يعرفني جيدا ويعرف ما أريد؛ ويعرف ايضا أني سأنشر تصوراته ناهيك عن دخولها في ماكنة نشاطاتي الاكاديمية والاعلامية والتحليلية؛ ولذلك كان دقيقا في ما يقول.
قال إن السياسة الخارجية للرئيس المنتخب يمكن تلخيصها في أربع محاور أساسية:
المحور الاول؛ وهي السياسة الخارجية مع الدول الغربية التي تعد من التحديات الاساسية باعتبارها ترتبط بشكل او بآخر مع مسار فيينا وعملية احياء الاتفاق النووي، هذه السياسة سوف يتم فصلها عن "الاتفاق النووي" بمعنی أنَّ الحكومة الجديدة ستستمر في مباحثات فيينا لكنها لن تتوقف عند نتائجها؛ وهذا يعني انها ستصر علی الشروط الايرانية في ضرورة اعطاء ضمانات لدعم اي اتفاق يحدث مع المجموعة الغربية لاحياء "الاتفاق النووي" مع عدم قبول اضافة اي بند للاتفاق الذي وقع عام 2015.
وبعبارة اخری ان حكومة الرئيس رئيسي لن تبدأ الحوار مع المجموعة الغربية ولن تنتهي به كما فعلت حكومة الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني.
اما الولايات المتحدة فان حكومة الرئيس المنتخب لن تستسلم لها وستنتهج "سياسة الردع" من اجل تحقيق مصالحها الوطنية والقومية التي تستند إلی "الحكمة" و"العزة" و"المصلحة".
المحور الثاني؛ الاولوية في العلاقات الخارجية ستكون مع دول المنطقة تحديدا والشرق بشكل عام وتحديدا الصين، وهذا المحور فيه دائرتان، الاولی دائرة دول محور المقاومة والدائرة الثانية دول المنطقة، اما الاولی - يقول صديقي – فهي تسير باتجاه دعم هذه الدول وتعزيز قوة وقدرة محور المقاومة ضد اسرائيل باعتبار ان الكيان الاسرائيلي هو جوهر المشكلة في المنطقة وستقف مع هذه
الدول امام اي اعتداء تتعرض له من قبل اسرائيل او
ادواتها، اما دول المنطقة فان حكومة الرئيس المنتخب سترسل رسالة واضحة لهذه الدول وهي رسالة المودة والمحبة والصداقة في اطار مبادرة "هرمز للسلام" وربما اضيفت لها عناصر ايجابية اخری تستطيع ان تفتح افاق التعاون والتنسيق والامن والاستقرار في المنطقة.
واشار صديقي إلى ان الفريق المحيط بالرئيس المنتخب يعكف علی وضع برنامج مشروع لدعم الثقة مع دول المنطقة.
المحوران الثالث والرابع؛ العراق وافغانستان، صديقي يعتقد ان الولايات المتحدة تحاول خلط الاوراق في هذين البلدين من اجل ممارسة المزيد من الضغط علی ايران لاجبارها على تقديم المزيد من التنازلات والقبول بالمقاسات الاميركية. هذان الملفان من الملفات الحساسة في المنطقة. واذا كانت الولايات المتحدة عازمة على السير بهذا الاتجاه فانها ستَتْعب وتُتْعب الاخرين معها في ظل
خيارات متعددة موضوعة علی الطاولة لمواجهة اي تطورات محتملة.
يعتقد صديقي ان الولايات المتحدة تريد اغراق ايران في مستنقعات امنية مجاورة لها، ايران لاتريد التدخل لا في العراق ولا في افغانستان، ايران تقف مع ارادة الشعوب في هذه المنطقة وهي لاتريد مواجهة التطورات خارج ارادة هذه الشعوب، واذا ارادت التعاطي مع اي تطورات فان تعاطيها سيكون مسؤولاً ويخدم شعوب المنطقة وارادتها السياسية.